أوردتُهُ كِفَايَةٌ لِمَنْ رُزِقَ الفَهْمَ.
وقوله تعالى: ﴿وَأُخَرُ﴾ زعم (١) سِيبَويه والخليلُ أنَّ (أُخَرَ) فارقت

= في "أقاويل الثقات" ١٢٤.
فمعنى لفظ (الاستواء) من ناحية اللغة معروفٌ، وليس متشابها، ولا حرج في تفسيره بالألفاظ التي جاءت في اللغة، وليس في ذلك إيهام بالكيف، أو التجسيم ومشابهة الخلق؛ لأننا عندما نفسر هذه الصفة، إنما نذكر المعنى اللغوي، ونُجري هذه المعاني بما يليق بجلال الله تعالى وعظمته، ونقطع الطمع عن إدراك الكيفية، وذلك لعجز وقصور عقولنا عن إدراك ذلك. ومنهج السلف الصالح إزاء صفة الاستواء، وغيرها من صفات الباري تعالى: أن تمر كما جاءت، من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تحريف، ولا تعطيل؛ فيثبتون له الأسماء والصفات، وينفون عنه مشابهة المخلوقات، إثباتًا منزهًا عن التشبيه، منزهًا عن التعطيل، فمن نفى حقيقة الاستواء فهو مُعطّل، ومَنْ شبهه باستواء المخلوق على المخلوق، فهو مُمَثِّل. وقد قال الإمام مالك بن أنس، لَمَّا سُئل عن كيفية الاستواء، فقال: (الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة)، وقد وَرَدَ مثلُ ذلك عن أم سلمة رضي الله عنها، وربيعة الرأي.
انظر: "شرح أصول الاعتقاد" ٣/ ٤٤٠ - ٤٤٣. وانظر مادة (سوا) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٧٩٤، "الصحاح" ٦/ ٢٣٨٥ - ٢٣٨٦، "اللسان" ٤/ ٢١٦٠، "القاموس المحيط" ١٢٩٧، "قاموس القرآن" للدامغاني: ٢٥٥، "تاج العروس" للزبيدي: ١/ ١٧٩. وانظر حول موضوع صفة الاستواء: "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة: ٣٩٤، "الرد على الجهمية" للدارمي: ص ٤٠، "الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد" للبيهقي: ص ١١٦، "الأسماء والصفات" للبيهقي: ٢/ ٣٠٣، "مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" ٥/ ١٤٦، ٣٦٥، ٤٠٤، ٥١٩ - ٥٢٠ "العقائد السلفية" لأحمد بن حجر: ١/ ١٢٤ - ١٢٥، ١٦٤ - ١٦٧، "رسائل في العقيدة" لمحمد بن عثيمين: ٧٠.
(١) من قوله: (زعم..) إلى (.. إلا صفة منعت الصرف): نقله عن "معاني القرآن" للزجاج: ١/ ٣٧٧. وانظر: "كتاب سيبويه" ٣/ ٢٢٤، ٢٨٣.


الصفحة التالية
Icon