أخواتها، والأصلَ الذي عليه بِنَاءُ أَخَواتِها؛ لأن (أُخَرَ) أصلُها أن تكون بالألف واللّام (١)؛ كما تقول: (الصُّغْرى) و (الصُغَر)، و (الكُبْرَى) و (الكُبَر). فلما عُدِلَت عن مُجْرَى الألِفِ واللام، وأصلِ (أَفْعَلَ مِنْكَ) وهي مِمَّا لا يكونُ (٢) إلا صِفَةً، مُنِعَت الصَّرْفَ. وقد شرحنا هذه المسألة عند قوله: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ (٣) [البقرة: ١٨٤].
قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾. الزَّيْغُ: المَيْلُ. يعني: مَيْلًا عن الحقِّ؛ (زاغ، يَزِيغ، زَيْغًا، وزَيْغُوغَةً، وزَيَغانًا، وزيوغًا (٤).
قال الفراء (٥): والعرب تقول في عامةِ ذوات الياء، مِمَّا يُشْبِهُ (زِغتُ)؛

(١) في "معاني القرآن" (أن تكون صفة بالألف واللام).
(٢) في (د): (وهي لا تكون).
(٣) يريد المؤلف (والله أعلم) أن (أخَر) مُنِعت مِنَ الصَّرْفِ؛ لأنها جاءت صفة بغير الألف واللام، ولم تلحقها (مِنْ) كأفعل التفضيل (أفعل منك)؛ حيث إن (أُخَر) جمعٌ، ومفرده (أُخْرَى). و (أخْرَى) مؤنث لِلَفْظٍ مُذَكَّرٍ، هو: (آخِر)؛ الذي أصله (أأخَر) بفتح الهمزة الأولى، وتسكين الثانية، على وزن (أفْعَل) الدال على التفضيل. وهو مُجَرَّدٌ من (أل) والإضافة. وحقُّه أنْ يكون مفردًا مذكرًا في جميع استعمالاته. ولكنْ عَدَلَ العربُ عنه إلى لفظ (أُخَر) بصيغة الجمع، ومنعوه من الصرف؛ للوصفية والعَدْل.
انظر آراء النحويين حول منع (أخر) من الصرف، في "المقتضب" للمبرد: ٣/ ٢٤٦، ٣٧٦، "إعراب القرآن" للنحاس: ١/ ٢٣٥، "البيان في غريب إعراب القرآن" للأنباري: ١/ ١٤٣، "شرح المفصل" لابن يعيش: ٦/ ٩٩، "التبيان في إعراب القرآن" للعكبري: ١/ ١١٦، "شذور الذهب" لابن هشام (بشرح محمد محي الدين عبد الحميد): ص ٥٣٧، "همع الهوامع" للسيوطي: ١/ ٨٠، "النحو الوافي" لعباس حسن: ٣/ ٤٠٨، ٤/ ٢٢٤.
(٤) انظر: (زيغ) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٠٢، "اللسان" ٣/ ١٨٩٠.
(٥) قوله في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٨٣. وأورده بمعناه ابن جني في "المنصف" ٢/ ١٢.


الصفحة التالية
Icon