المتشابه ممن ينكر أمر البعث.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [يجوز أن يكون إخبارًا عن المؤمنين أنهم قالوا ذلك، فيكون متصلًا بما قبله، لكنه على تلوين الخِطاب (١)، و] (٢) يجوز أن يكون استئنافًا، أخبر الله تعالى أنه لا يخلف الميعاد. ولا يدلُّ هذا على تخليد مرتكبي الكبائر من المسلمين في النار، وإنْ وعد ذلك بقوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [النساء: ١٤]. الآية؛ لأن المراد بالميعاد (٣) ههنا يوم القيامة (٤) لأن الآية وردت في ذكره. أو يُحمل [هذا (٥) على ميعاد الأولياء دون وعيد الأعداء؛ لأن خلف الوعيد كرم (٦) عند العرب] (٧)، والدليل: أنهم يمدحون بذلك، ومنه قول الشاعر:

(١) يعني بتلوين الخطاب، أي: الانتقال من أسلوب الخطاب في قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ﴾ إلى أسلوب الغيبة في قوله: ﴿إنَّ الله﴾. قال أبو حيان ذاكرًا الحكمة في تغيير الأسلوب، هنا: (لِمَا في ذكره باسمه الأعظم من التفخيم والتعظيم والهيبة..) "البحر المحيط" ٢/ ٣٨٧.
(٢) ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د).
(٣) في (ب): (المعاد).
(٤) ومما يؤكد ذلك لغة أن الميعاد هو: وقت الوعد وموضعه، ففي "تهذيب اللغة" (والميعاد، لا يكون إلا وقتًا أو موضعًا) وفي "اللسان" (والموعد: موضع التواعد، وهو الميعاد). انظر مادة (وعد) في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٩١٥، "الصحاح" ٢/ ٥٥٢، و"اللسان" ٨/ ٤٨٧١، و"القاموس المحيط" ٣٢٦. لكنَّ أبا عبيدة في "مجاز القرآن" ٢/ ١٤٩، ١٨٩: ذكر أن الوعد والميعاد والوعيد، واحد. وعلى الرغم من هذا، فإن سياق الآية وأقوال من سبق من أهل اللغة، يؤكد ما ذكره المؤلف من أن الآية لا دلالة فيها على تخليد مرتكبي الكبائر من المسلمين في النار.
(٥) أي: على فرض التسليم بدلالة الآية على ما ذكر.
(٦) في (د): (لزم).
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من: (ج)، (د).


الصفحة التالية
Icon