وقوله تعالى: ﴿مَا طَابَ﴾ ولم يقل: (من) الأصل أن (من) لما يعقل، و (ما) لما لا يعقل (١).
ولأهل العربية في هذا قولان: أحدهما: أن (ما) ههنا عبارة عن المصدر، فقال الفراء: معناه فانكحوا الطيب لكم من النساء (٢).
وقال مجاهد: فانكحوا النكاح الذي طاب لكم من النساء (٣).
قال الفراء: وهذا كما تقول في الكلام: خُذ من عبيدي ما شئت، أي: مشيئتك فإن قلت: مَن شئت، فمعناه: خذ الذي شئت (٤).
فعلى هذا (ما طاب) بمنزلة الطيب.
والقول الثاني: أن (ما) و (من) ربما يتعاقبان، قال الله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا﴾ [الشمس: ٥]، وقال: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ﴾ (٥) [النور: ٤٥].
(١) انظر: "المقتضب" ٣/ ٦٣، ٤/ ٢١٧، "معاني الزجاج" ٢/ ٨، "حروف المعاني" للزجاجي ٥٤، ٥٥، "شرح شذور الذهب" ١٨٩ - ١٩٠.
(٢) هذا مُؤدَّى رأي الفراء، وليس بنصه. انظر: "معاني الفراء" ١/ ٢٥٣، ٢٥٤.
(٣) الذي ظهر لي أن هذا معنى كلام مجاهد في الأثر المتقدم عنه قريبًا ص ٨٨ من قوله: (فانكحوا النساء الحلال نكاحا طيبا) لأني لم أجد له هذا الكلام الذي أورده المؤلف هنا بنصه، وانظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٢٣٦ - ٢٣٧ ففيه ما يؤيد أن هذا معنى كلامه.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٥٤ - بتصرف-، وانظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٢٣٦ - ٢٣٧، "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٨، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٣٤.
(٥) انظر: "المقتضب" ٤/ ١٨٥، ٢١٨، "معالم التنزيل" ١/ ١٦١، "الإملاء بهامش الفتوحات" ٢/ ١٨٥، "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ١٢، "الدر المصون" ٣/ ٥٦١. وقال أبو حيان في "البحر المحيط" ٣/ ١٦٢: وقرأ ابن أبي عبلة (من طاب) وقرأ الجمهور (ما طاب) فقيل (ما) بمعنى من، وهذا مذهب من يُجَوَّز وقوعَ ما على أحاد العقلاء، وهو مرجوح.
(٢) هذا مُؤدَّى رأي الفراء، وليس بنصه. انظر: "معاني الفراء" ١/ ٢٥٣، ٢٥٤.
(٣) الذي ظهر لي أن هذا معنى كلام مجاهد في الأثر المتقدم عنه قريبًا ص ٨٨ من قوله: (فانكحوا النساء الحلال نكاحا طيبا) لأني لم أجد له هذا الكلام الذي أورده المؤلف هنا بنصه، وانظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٢٣٦ - ٢٣٧ ففيه ما يؤيد أن هذا معنى كلامه.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٢٥٤ - بتصرف-، وانظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٢٣٦ - ٢٣٧، "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٨، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٣٤.
(٥) انظر: "المقتضب" ٤/ ١٨٥، ٢١٨، "معالم التنزيل" ١/ ١٦١، "الإملاء بهامش الفتوحات" ٢/ ١٨٥، "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ١٢، "الدر المصون" ٣/ ٥٦١. وقال أبو حيان في "البحر المحيط" ٣/ ١٦٢: وقرأ ابن أبي عبلة (من طاب) وقرأ الجمهور (ما طاب) فقيل (ما) بمعنى من، وهذا مذهب من يُجَوَّز وقوعَ ما على أحاد العقلاء، وهو مرجوح.