نِحلة ونُحلاً. قال الفراء، والنحلة العطية (١).
ومعنى هذا القول: أن الله تعالى جعل الصداق نِحلةً للنساء، بأن جعل على الرجال الصداق، ولم يجعل على المرأة شيئًا من الغُرم، فتلك نحلة من الله -عز وجل- للنساء. وهذا القول اختيار الفراء (٢).
وقال أبو عبيدة: معنى قوله: ﴿نِحْلَةً﴾ أي: عن طيب نفس (٣)، وذلك أن النحلة في اللغة العطية من غير أخذ عوض، كما يَنحَل الرجلُ ولدَه شيئًا من ماله، وما أعطي من غير طلب عوض لا يكون إلا عن النفس، فأمر الله تعالى بإعطاء مهور النساء من غير مُطالبة منهن ولا مُخاصمة فيه؛ لأن ما يؤخذ بالمحاكمة لا يقال له نِحلة (٤).
قال ابن الأنباري: وهذا القول هو المختارة لأن النَّحلة بالهبة أشهر منها بالفريضة، وحمل الشيء على الأشهر والأعرف فيه أولى (٥).
وانتصابها على المصدر في قوله (٦) من جعلها مصدرًا بمعنى: الهبة (٧)، وفي قول الآخرين على أنه مفعول له (٨)، كما تقول: افعل هذا أجرًا واحتسابًا.

(١) انظر: "معاني القرآن" ١/ ٢٥٦.
(٢) في "معاني القرآن" ١/ ٢٥٦، وقد حكى الفراء هذا القول ولم يذكر غيره.
(٣) "مجاز القرآن" ١/ ١١٧، وانظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١١٥.
(٤) انظر: "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١١٥ "الزاهر" ٢/ ٢٥٤.
(٥) هذا الترجيح من ابن الأنباري لم أقف عليه، بل وقفت على خلافه حيث قال -بعد أن أشار إلى القولين-: والقولان متقاربان، "الزاهر" ٢/ ٢٥٤.
(٦) هكذا ولعل الصواب: (قول).
(٧) انظر: "مشكل إعراب القرآن" ١/ ١٨٨، "البيان في غريب إعراب القرآن" ١/ ٢٤٢، "البحر المحيط" ٣/ ١٦٦، "الدر المصون" ٣/ ٥٧١.
(٨) انظر: "البحر المحيط" ٣/ ١٦٦، "الدر المصون" ٣/ ٥٧١.


الصفحة التالية
Icon