وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾. قال الفراء (١) والزجاج: المعنى فإن طابت أنفُسهن لكم عن شيء من الصداق (٢)، فنقل الفعل من الأنفس إليهن، فخرجت النفس مُفسّرة كما قالوا: أنت حسنٌ وجهًا، والفعل في الأصل للوجه، فلما حُوّل إلى صاحب الوجه خرج الوجه مفسّرًا لموقع الفعل. (ومثله: قررتُ به عينًا، وضقتُ به ذرعًا) (٣)
ووحد النفس (٤)؛ (لأن المراد به بيان موقع الفعل وتفسير له، وذلك يعرف بالواحد دون الجميع. ومثله: عشرون درهما) (٥).
قال الفراء: ولو جمعت كان صوابًا (٦)، كقوله: ﴿بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا﴾ [الكهف: ١٠٣]، وقوله تعالى: ﴿مِنْهُ﴾ (مِن) ليست ههنا للتبعيض، بل هي للتجنيس، والتقدير: عن شيء من هذا الجنس الذي هو مهر، كقوله: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ [الحج: ٣٠]، وذلك أن المرأة لو طابت نفسُها عن جميع المهر حل للزوج أخذه كله.
والخطاب في: ﴿لَكُمْ﴾ يجوز أن يكون للأولياء، ويجوز أن يكون للأزواج، على ما ذكرنا من القولين في قوله: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ﴾ (٧).

(١) في "معاني القرآن" ١/ ٢٥٦.
(٢) من الصدقات زيادة على الفراء.
(٣) ما بين القوسين زيادة على ما عند الفراء.
(٤) عبارة الفراء: ووحد النفس، ولو جمعتَ لكان صوابًا، وقد جاء بقية العبارة عند المؤلف في آخر كلامه كما سيأتي.
(٥) ما بين القوسين زيادة على ما عند الفراء.
(٦) انتهى من "معاني الفراء" ١/ ٢٥٦، وانظر: "معاني الزجاج" ٢/ ١٢، والشاهد بعد ذلك إضافة من المؤلف، والله أعلم. وانظر "الكف والبيان" ٤/ ٢٩.
(٧) من "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ١٣ بمعناه.


الصفحة التالية
Icon