وقوله تعالى: ﴿فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾. قال الفراء (١): يقال هَنَأني الطعام، ومَرأَني (يهيئني (٢)) ويمرئني هَنأً وَمرءًا. ومنهم من يقول: هنئني ومرئني -بالكسر- وهي قليلة، يَهْنَأني وَيْمَرأني فإذا أفردوا قالوا: أمرأني هذا الطعام (٣)، ولا يقولون: أهنأني. وقد مَرُؤ هذا الطعام مَرْأاة، وهنؤ هُنْأة. الليث (٤): ما كان مريئًا، ولقد مرؤ، واستمرأته، وهذا يُمرئ الطعام.
وقيل: إن أصل الهنيء من الهناء وهو معالجة الجَرَب بالقَطران (٥)، فالهنيء شفاء من المرض كالهناء شفاء من الجرب (٦).
قال المفسرون: معنى الهنيء: الطيب المَساغ الذي لا يُنغِّصه شيء، والمريء: المحمود العاقبة التامّ الهضم الذي لا يضر ولا يُؤذي. يقول: لا تخافون في الدنيا به مطالبة، ولا في الآخرة تبعة (٧).
ورُوي عن ابن عباس، عن النبي - ﷺ -: أنه سئل عن هذه الآية، فقال: "إذا جادت لزوجها بالمهر طائعة، غير مُكرَهة لا يَقْضي به عليه سلطان، ولا يؤاخذه الله به في الآخرة" (٨).
(٢) هكذا ويبدو أن الصواب: يهنئني.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" للطبري ٤/ ٢٤٤، "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ١٢، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٠٣ (هنا)، "الكشف والبيان" ٤/ ٩ أ.
(٤) انظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٠٣ (هنأ).
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٢٤٤، "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٠٣ (هنأ)، "مقاييس اللغة" ٦/ ٦٨ (هنأ)، "الكشف والبيان" ٤/ ٩ أ.
(٦) انظر: "تفسير الطبري" ٤/ ٢٤٤، "النكت والعيون" للماوردي ١/ ٤٥١.
(٧) ما نسبه للمفسرين هو ما حكاه شيخه الثعلبي في "الكشف والبيان" ٤/ ٩أ، ب.
(٨) من "الكشف والبيان" ٤/ ٩ ب، وقد أورده الثعلبي بسنده، ولم أقف عليه عند غيره.