وقال ابن عباس في رواية الكلبي عنه في هذه الآية: أفلا يتفكرون في القرآن فيرون بعضه يُشبه بعضًا، ويصدق بعضه بعضًا، وأن أحدًا من الخلائق لم يكن يقدر عليه، فيسلمون بذلك أنه من عند الله، إذ لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا أي تفاوتًا وتناقضًا كثيراً (١).
فجعل الاختلاف في هذا القول اختلاف التناقض.
٨٣ - وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾ الآية (٢) المفسرون وأرباب المعاني فوضى مختلفون في هذه الآية، ولا تكاد ترى لأحدهم متفق الصدر والعجز في معناها، وسأبين ما هو الأوفق والأليق إن شاء الله.
قال أبو بكر محمد بن القاسم (٣): نزلت هذه الآية في قوم كانوا يُرجفون بسرايا رسول الله - ﷺ - وُيخبرون بما وقع بها وبما أدركت ولحقت، قبل أن يُخبر به النبي - ﷺ - فيضعفون قلوب المؤمنين ويؤذون النبي - ﷺ - سبقهم إياه بالأخبار، فأنزل الله تعالى: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ﴾ أي أبدوه وأظهروه قبل إبداء الرسول إياه إلا قليلًا منهم ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ﴾ أي أولي أمر السرايا، حتى يكون النبي - ﷺ - والأمراء هم الذين يُخبرون به ﴿لَعَلِمَهُ﴾ كل طالب علمه، واستغنوا بذلك عن الإخبار بما يغم رسول الله - ﷺ - ويؤذي المسلمين (٤).
(٢) جعلت هنا تفسير الآية (٨٣) الذي كان مقدمًا في المخطوط على تفسير الآية (٨٢).
(٣) ابن الأنباري.
(٤) لم أقف عليه عن ابن الأنباري.