قال ابن عباس: ﴿قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ﴾ يريد في القرآن في غير سورة (١).
قال بعض المفسرين: يعني في سورة الأنعام، فإنها نزلت من قبل (٢).
قال الكلبي في هذه الآية: يقول: من الرسل من قد سميناهم لك في القرآن، وعرفناكهم إلى من بعثوا، وما رد عليهم قومهم، ومنهم من لم نُسمه لك، ولم نعرفكهم (٣).
قال أهل المعاني: الذين نوه بذكرهم ههنا من الأنبياء يدل على تفضيلهم على من لم يذكر بأسمائهم، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ﴾ [الإسراء: ٥٥].
وقد ذكرنا معنى القص والقصص في قوله: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ﴾ [آل عمران: ٦٢].
وقوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ أي مخاطبة من غير وسيطة، وتأكيد ﴿وَكَلَّمَ﴾ بالمصدر يدل على تحقيق الكلام، وأنه سمع كلام الله تعالى؛ لأن أفعال المجاز لا تؤكد بذكر المصادر، لا يقال: أراد الحائط أن يسقط إرادة. وهذا رد على من يقول: إن الله خلق كلامًا في محل فسمع موسى ذلك الكلام؛ لأنه حينئذ لا يكون كلام الله (٤).
قال أحمد بن يحيى: لو جاءت ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ﴾ مجردة لاحتمل ما قلنا وما قالوا، فلمَّا جاءت ﴿تَكْلِيمًا﴾ خرج الشك الذي كان يدخل في

(١) انظر: "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١٠٤.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) "تنوير المقباس" بهامش المصحف ص ١٠٤.
(٤) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ١٣٣، و"إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٤٧٣، و"زاد المسير" ٢/ ٢٥٦.


الصفحة التالية
Icon