وقال أهل المعاني: معنى قوله: ﴿وَرِضْوَانًا﴾ أىِ: على زعمهم وفيما يظنون؛ لأن الكافر لا ينال الرضوان (١)، وهذا كقوله تعالى: ﴿وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ﴾ [طه: ٩٧]، وقوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩]، وذلك على حكاية قولهم: نطلب الرضوان (٢).
وقد جاءت هذه الحكاية عن العرب مجيئًا متبعًا، قال زهرة اليمن (٣) يهجو جريرًا:

أبلغ كُلَيبا وأبِلغ عنكَ شاعَرها أني الأغرّ وأني زُهرةٌ اليمنِ (٤)
وقال جرير:
ألم يَكنْ في وُسوم قَد وُسِمتَ بها مَن حَان موعظةً يا زُهرةَ اليَمنِ (٥)
قال أكثر (٦) أهل العلم: هذه الآية من أولها إلى ههنا (٧) منسوخة بقوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥].
(١) انظر: "زاد المسير" ٢/ ٢٧٤.
(٢) انظر: "الخصائص" ٢/ ٤٦١، و"سر صناعة الإعراب" ١/ ٤٠٥.
(٣) لم أقف على ترجمة له.
(٤) البيت في "الحجة" ٢/ ١٨٣، و"المسائل الحلبيات" ص ٨٢، ١٦١، و"الخصائص" ٢/ ٤٦١.
(٥) "ديوان جرير" ص ٤٦٧، وفيه: (يا حارث اليمن)، و"الحجة" ٣/ ١٨٣، و"المسائل الحلبيات" ص ٨٢، و"الخصائص" ٢/ ٤٦١.
والشاهد من البيتين أن جريرًا دعا هذا الرجل بزهرة اليمن بناء على زعمه وقوله، الوسوم: جمع وسم، وهو أثر الكي، والمراد: أذى الهجاء، وحان: هلك.
(٦) لعل الصواب: بعض؛ لأن المؤلف ذكر رأي الأكثرية عقب هذا.
(٧) في (ش): (هنا).


الصفحة التالية
Icon