وقال المبرد: وهو قول الزجاج: اليد من أطراف الأصابع إلى الكتف، والرجل من الأصابع إلى أصل الفخذين، فلما كانت المرافق والكعبان داخلة في تحديد اليد والرجل كانت داخلة فيما يغسل وخارجة مما لا يغسل، ولو كان: مع المرافق، لم يكن في ذكر المرافق فائدة، وكانت اليد كلها يجب أن تغسل، ولكن لما قيل: ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ اقتطعت في الغسل من حد المرفق (١).
قال الزجاج: والمرفق في الحقيقة في اللغة ما جاوز الإبرة (٢). وهو المكان الذي يرتفق به، أي يتكَّأ عليه، فالمرافق هي في الحقيقة حد ما ينتهي إليه في الغسل، وليس يحتاج إلى تأويل (مع). انتهى كلامه (٣).
وقد حصل من قوليهما أن الحد إذا كان من جنس المحدود كان داخلًا في جملة المحدود، وهو قولهما: لما كانت المرافق والكعبان داخلة في تحديد اليد والرجل كانت داخلة فيما يغسل، ومثل هذا قولك: بعتك الثوب من هذا الطرف إلى ذاك الطرف، دخل الطرفان في البيع إذا كان من جنس المبيع.
وحصل من قول الزجاج: أن المِرفق ما جاوز الإبرة، وأنه حد ما ينتهي إليه الغسل. وما جاوز الإبرة لا يجب غسله بالإجماع.
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٥٣.
(٢) الإبرة بالكسر: عظم وترة العرقب، وطرف الذراع من اليد، وما انحدّ من عرقوب الفرس. "مختار القاموس" ص ١١.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٥٣.