وقوله تعالى: ﴿سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ﴾
قال ابن عباس وجابر وسعيد بن المسيب والسدي وابن زيد: إن رجلاً وامرأة من أشراف أهل خيبر (١) زنيا، وكان حدهما الرجم، فكرهت اليهود رجمهما لشرفهما، فأرسلوا إلى بني قريظة ليسألوا محمدًا - ﷺ - عن قضائه في الزانيين إذا أحصنا ما حدهما؟ وقالوا: إن أمرَكم بالجلد فاقبلوا منه، وإن أمركم بالرجم فاحذروه ولا تقبلوا منه، فأقبل نفر من قريظة والنضير إلى رسول الله - ﷺ - يسألونه، فنزل جبريل بالرجم، فأخبرهم به، فأبوا أن يأخذوا به، فذلك قوله: ﴿سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ﴾ (٢).
والمراد بالقوم الآخرين: أهل خيبر.
وقوله تعالى: ﴿لَمْ يَأْتُوكَ﴾ من صفة قوله: ﴿لِقَوْمٍ آخَرِينَ﴾.
قال الزجاج: هم عيون لأولئك الغُيَّب (٣).
وقوله تعالى: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ﴾.
أي: من بعد أن وضعه الله مواضعه، أي: فرض فروضه، وأحل حلاله وحرم حرامه.
قال المفسرون: وذلك أن رسول الله - ﷺ - لما أفتى بالرجم لم يقبلوا ذلك وأنكروه وأبوا أن يأخذوا به، فقال جبريل للنبي - ﷺ -: اجعل بينك
انظر: "الصحاح" ٢/ ٦٤٢ (خبر)، "معجم البلدان" ٢/ ٤٠٩.
(٢) أخرجه بمعناه عن السدي: الطبري في "تفسيره" ٦/ ٢٣٥، وذكره المؤلف في "الوسيط" ٣/ ٨٨٠، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ٥٥، واختاره ابن كثير في "تفسيره" سببًا لنزول الآية. انظر: "تفسيره" ٢/ ٦٦.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ١٧٥.