وقال الصادق (١): (ليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية) (٢).
وقال عبد الله بن مسلم: (جمع الله تعالى بهذه الآية لنبيه - ﷺ - كل خلق عظيم؛ لأن في أخذ العفو صلة القاطعين، والصفح عن الظالمين، وإعطاء المانعين، وفي الأمر بالعرف (٣) تقوى الله وصلة الأرحام، وصون اللسان عن الكذب، وغض الطرف عن الحُرمات، وإنما سمي هذا وما أشبهه عرفًا ومعروفًا؛ لأن كل نفس تعرفه، وكل قلب يطمئن إليه، وفي الإعراض عن الجاهلين الصبر والحلم، وتنزيه النفس عن مماراة السفيه، ومنازعة اللجوج) (٤)، فهذا الذي ذكرنا طريقة حسنة في هذه الآية (٥).
وللمفسرين (٦) طريق آخر فيها، قال ابن عباس: (﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ أي: (ما (٧) عفا لك من أموالهم، وهو ما فضل من العيال والكلّ (٨)، يقول: ما أتوك به عفوًا فخذه، ولا تسأل ما وراء ذلك، وكان هذا قبل بيان فريضة
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٦/ ٣٢ أ، والبغوي ٣/ ٣١٦، والزمخشري ٢/ ١٣٩، والرازي ١٥/ ٩٦، والقرطبي ٧/ ٣٤٥، والخازن ٢/ ٣٢٨.
(٣) في (ب): (بالمعروف).
(٤) "تأويل مشكل القرآن" ص ٤، ٥.
(٥) لفظ: (الآية) ساقط من (ب).
(٦) في (ب): (والمفسرين)، وهو تحريف.
(٧) في (ب): (مما عفا لك).
(٨) الكل، بالفتح واللام: اليتيم، والكلُّ الذي هو عيال وثقل على صاحبه. والكلُّ: الوكيل، وكلَّ الرجل إذا تعب، وكلَّ عنه نبا وضعف، انظر: "اللسان" ٧/ ٣٩١٩ (كلل).