وهما لغتان مشهورتان، فالتثقيل الأصل والتخفيف للإيجاز (١). وحجة من قرأ بالسكون استثقال توالي الضمتين في اسم واحد فخفف الحرف الثاني، ومثله: العُقْب والعُقُب، والحُلْم والحُلُم، والرُّعْب والرُّعُب، ومن قرأ بالضم على أصل الكلمة وقد اجتمعت في كلمةٍ ثلاث ضمات فأكثر ولم يختلفوا فيها مثل قوله عز وجل ﴿هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ﴾ [سورة الواقعة: ٦٠]. وقال أبو علي: الأكْل مصدر أكلت أكْلا وأكلة، فأما الأُكُل: فهو المأكول (٢).
قوله تعالى: ﴿وَنُكَفِّرْ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ﴾ ﴿وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ﴾ [٢٧١]
قرأ ورش: ﴿وَنُكَفرْ﴾ بالنون مع جزم الراء، وقرأ حفص: ﴿وَيُكَفِّرُ﴾ بالياء مع رفع الراء (٣). فالنون على معنى: ونكفر نحن عنكم، والياء على معنى: ويكفر الله عنكم سيئاتكم (٤)، فأما الجزم فعلى موضع الفاء في قوله: ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ﴾ لأنه في موضع جواب الجزاء في الفاء (٥)، وأما من رفع الراء فقد جعله خبراً لمبتدأ محذوف تقديره: ونحن نكفر عنكم، أو على الاستئناف، ويكون إخباراً عن الله عز وجل أنه يكفر السيئات (٦).
_________
(١) - ابن زنجلة، حجة القراءات. ج١/ص١٤٦.
(٢) - أبو علي الفارسي، الحجة للقراء السبعة. ج١/ص٤٧٨. وأبو حيان، البحر المحيط. ج٢/ص٣٢٤.
(٣) - الأصبهاني، أحمد بن الحسين بن مهران. المبسوط في القراءات العشرة. تحقيق: سبيع حمزة هاكمي، دمشق-سوريا، مطبوعات مجمع اللغة العربية، (رقم الطبعة وسنة النشر غير معروفة)، ص١٥٢، الطبري. التلخيص في القراءات الثمان. ص٢١٩. وابن غلبون، التذكرة في القراءات الثمان. ج٢/ص٢٨٠. وابن إدريس، الكتاب المختار في معاني قراءات أهل الأمصار. ج١/ص١٢٢.
(٤) - القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج١ /ص٣١٦. وابن زنجلة، حجة القراءات. ج١ /ص١٤٨.
(٥) - ابن أبي مريم، الموضح في وجوه القراءات وعللها. ج١/ص٣٣٧.
(٦) - المهدوي، شرح الهداية. ج١/ص٢٠٢.