قرأ ورش ﴿تعْلَمُونَ﴾ بفتح التاء وتسكين العين وتخفيف اللام، على أنه مضارع (عَلِمَ) وينصب مفعولاً واحداً، وهو الكتاب بمعنى يعلمكم الكتاب، ووجه تخفيف اللام لأنه حمله على ما بعده من قوله: ﴿وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ﴾، دون تشديد، حيث حمل الفعلين على معنى واحد (١).
وقرأ حفص بضم التاء وفتح العين وتشديد اللام، من التعليم على أنه مضارع (علَّم)، قال مكي بن أبي طالب: فالتشديد أبلغ لأنه يدل على العلم والتعليم، والتخفيف إنما يدل على العلم فقط (٢).
أقول: ويشهد لرواية حفص ومن وافقه حديث النبي - ﷺ -: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" (٣).
قوله تعالى: ﴿وَلاَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً﴾ ﴿وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابا﴾ ﴿٨٠﴾
قرأ ورش ﴿وَلاَ يَأْمُرُكُمْ﴾ برفع الراء على الاستئناف وفاعله ضمير اسم الجلالة، بمعنى لا يأمركم الله (٤).
وقرأ حفص بنصب الراء معطوفاً على ﴿أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ﴾ بمعنى ولا له أن يأمركم، فقدروا "أن" مضمرة بعد "لا" وهي مؤكدة لمعنى النفي السابق (٥).
_________
(١) - القيسي، الكشف عن وجوه القراءات وعللها. ج١/ ٣٥٠. وأبو علي الفارسي، الحجة في علل القراءات السبع. ج٢/ ٣٧٣. والطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن. ج٣/ ٣٢٤.
(٢) - ابن مجاهد، السبعة في القراءات. ص١٤١. والنحاس، إعراب القرآن. ج١/ص٣٩٠.
(٣) - البخاري، الجامع الصحيح، سبق تخريجه. انظر ص ١٠.
(٤) - الداني، التيسير في القراءات السبع. ص٢٥٣. وابن خلوية، إعراب القراءات السبع. ج١/ص١١٦. والطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن. ج٣/ص٣٢٤.
(٥) - ابن الجزري، التحبير التتيسير. ص٣٢٤. والعكبري، التبيان في إعراب القرآن، ج١/ ٢٧٥. أبو حيان، البحر المحيط، ج٢/ ٥٣٠.