القراءات في زمن التابعين وتابعيهم:
وذلك من بداية النصف الثاني من القرن الأول، وحتى بداية عصر التدوين للعلوم الإسلامية، وتتميز هذه المرحلة بما يلي:
- إقبال جماعة من كل مصر على تلقي القرآن من هؤلاء القراء الذين تلقوه بالسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- تفرغ قوم للقراءة والأخذ واعتناؤهم بضبط القراءة حتى صاروا أئمة متبوعين في ذلك، وأجمع أهل بلدهم على تلقي القراءة منهم بالقبول (١).
إن المصحف الذي كتبه وجمعه (٢) عثمان بن عفان - رضي الله عنه- لم يكن منقوطاً ولا مضبوطاً، وقد كتب بلغة قريش وذلك حين قال للكتبة: (إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء فاكتبوه بلغة قريش، فإنما نزل بلسانهم) (٣). وقد كان جمع القرآن في عهد عثمان- رضي الله عنه- خطوة هامّة في ضبط القراءات التي تصح القراءة بها، ووضع إطار منهجي لتلقي القراءات، يعتمد على ثبوت النقل وموافقة
_________
(١) -... الزرقاني، محمد عبد العظيم. مناهل العرفان في علوم القرآن، القاهرة-مصر، دار الفكر، (رقم الطبعة وسنة النشر غير معروفة)، ج١/ص٢٨٦.
(٢) - قدم حذيفة على عثمان-رضي الله عنه- من فتح أرمينية وأذربيجان، في فزع لما رأى اختلافهم في القرآن فقال لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلف اليهود والنصارى فأرسل عثمان-رضي الله عنه- إلى حفصة: أن أرسلي إلي بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها عليك فأرسلت بها إليه فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام: أن اكتبوا الصحف في المصاحف وإن اختلفتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلغة قريش فإن القرآن أنزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق مصحفاً.
انظر: ابن عبد البر، التمهيد. ج٨/ص٢٧٩.
(٣) - حوا، مدخل إلى علم القراءات. ج٨/ص٢٧٩.


الصفحة التالية
Icon