الصواب، فذلك عين المطلوب، وإن لم يصل إلى الصواب كان مخطئاً مأجوراً، أما إذا لم يعتمد هذه الأصول، فإنه مخالف من بداية الطريق، لذا لا يمكن الالتقاء معه، فالخطان سيكونان متوازيان، وأنَّى لهما أن يلتقيا؟!
واعلم أن كل من نقص علمه، أو نقص اعتماده على المصادر الصحيحة، فإنه سيقع في الخطأ لا محالة، وليس بمعذور إلا إذا لم يستطع التعلم، ولم يكن إليه سبيل، أما أن يكون بين علماء وطلاب علم، ولا يحرص على تعلم الأسلوب الصحيح للتفسير، فليس ذلك بمعذور، بل إن العتب عليه مضاعف، لعدم حرصه على سلوك السبيل الصحيح لتفسير كلام الله، مع حرصه على الكلام فيه.
٢ - عندَ تفسيرِه قولَ اللهِ تعالى: ﴿وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ﴾ [الحجر: ١٧] قالَ الشَّنقيطيُّ (١) (ت: ١٣٩٣هـ): «... فقوله رضي الله عنه: إلاَّ فهماً يعطيه الله رجلاً في كتابِ اللهِ (٢)، يدلُّ على أنَّ فَهْمَ كتابِ اللهِ تتجدَّدُ به العلومُ والمعارفُ التي لم تكنْ عند عامَّةِ الناسِ، ولا مانعَ من حمل الآيةِ على ما حملها المفسِّرونَ، وما ذكرْناه أيضاً أنَّه يُفْهَمُ منها، لِمَا تَقَرَّرَ عندَ العلماءِ مِنْ أنَّ الآيةَ إنْ كانت تحتملُ معانيَ كلُّها صحيحٌ، تَعَيَّنَ حَمْلُهَا على الجميعِ، كما حَقَّقَه بأدلتِهِ الشيخُ تَقِيُّ الدِّينِ أبو العباسِ بنُ تَيمِيَّةَ رحمه الله في رسالتِهِ في علومِ القرآنِ (٣)».
_________
(١) أضواء البيان (٣: ١٢٤).
(٢) هذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(٣) لعلَّه يريد الموضع الذي في مقدمة التفسير، وهو قوله: «ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين: إما لكونه مشتركاً في اللفظ؛ كلفظ قسورة الذي يراد به الرامي، ويراد به الأسد. ولفظ عسعس الذي يراد به إقبال الليل وإدباره.
وإما لكونه متواطئاً في الأصل لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشيئين كالضمائر في قوله: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى *فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾ [النجم: ٨ - ٩]، وكلفظ: ﴿وَالْفَجْرِ *وَلَيَالٍ عَشْرٍ *وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾ [الفجر: ١ - ٣] وما أشبه ذلك. =