المفسِّر يبيِّن معانيه بجملة من المعلومات التي قد يكون فيها الضعيف من جهة أفراده، كبعض الآثار الضعيفة مثلاً. فلو أن مفسِّراً اعتمد في تفسيره على نظريةٍ من النظريات التي ثبت بطلانها لاحقاً، فإنَّ النتيجة أن هذا تفسير ضعيف لا يصحُّ، ولا علاقة للقرآن به، فالخطأ خطأ المفسر، وليس الخطأ في القرآن قطعاً.
وهذا يشبه ما لو فسّر مفسِّر بمعنًى شاذٍّ، فهل ينال القرآن خطأ منه، وهل يقال: إن الخطأ من القرآن؟
لا شكَّ أن الأمر ليس كذلك.
لكن الأمر اختلف هنا لأنَّ بعض الباحثين في الإعجاز العلمي يريدون أن يلزموا الناس بما توصَّلوا إليه على أنَّ القرآن حقٌّ لا مرية فيه؛ لأنه أثبت هذه القضايا قبل أن يعرف الناس تفاصيلها، فألزموا أنفسهم من جهة التفسير بما لا يلزم، فأوقعوا أنفسهم في الضيق والحرج، وظهر عندهم الإلزام بتفسير القرآن بالحقائق، وذلك ما لم يطبقوه في تفسيراتهم، كما قلت.
١١ - إن موضوع الإعجاز العلمي طويل جدّاً، ولست ممن يردُّه جملة وتفصيلاً، لكنني أدعو إلى تصحيح مساره، ووضعه في مكانه الطبيعي دون تزيُّدٍ وتضخيم كما هو الحاصل اليوم، حتى لقد جعله بعضهم الطريق الوحيد لدعوة الكفار، وأنَّى له ذلك؟
لقد أسلم كثير منهم في هذا العصر ـ ولا زالوا يسلمون بما يعرفه كثير ممن خبر إسلامهم ـ ولم يكن إسلامهم بسبب ما ورد في القرآن من حقائق وافقها البحث التجريبي.
نعم لقد كان له أثر في إسلام بعض الكفار، لكنهم أقل بكثير ممن يسلم بسبب الاقتناع بالإسلام، وبما فيه مما يلائم فطرة البشر، وهذا الموضوع بذاته بحث يصلح للمتخصِّصين في قسم الدعوة، وهو يحتاج إلى عناية.


الصفحة التالية
Icon