١٢ - إنَّ أي تفسير جاء بعد تفسير السلف، فإنه لا يقبل إلا بضوابط، وهذه الضوابط:
١ - أن لا يناقض (أي: يبطل) ما جاء عن السلف (أعني: الصحابة والتابعين وأتباع التابعين) (١).
وذلك لأنَّ فهم السلف حجة يُحتكم إليه، ولا تجوز مناقضته البتة، فمن جاء بتفسير بعدهم، سواءً أكان مصدره لغة، أو بحثاً تجريبياً، فإنه لا يقبل إن كان يناقض قولهم.
فإن قلت: إنه يرد عن السلف في تفسير الآية اختلاف، فكيف العمل؟
فالجواب: إنَّ الاختلاف الوارد عنهم أغلبه اختلاف تنوع، وليس بينه تضادٌّ إلا في القليل منه.
والقاعدة في اختلاف التنوع:
١ - أن تقبل الأقوال الواردة عنهم على سبيل التنوع ما دام ليس في قَبولها جميعاً ما يمنع ذلك.
٢ - أن يُرجَّح أحد أقوالهم على سبيل القول الأَولى والأرجح دون اطِّراح غيره وتركه بالكلية؛ لأنه قد يستفاد منه في موضع آخر.
والقاعدة في اختلاف التضاد الوارد بينهم أن يرجَّح أحدها على سبيل التعيين لا التنوع؛ لأنه لا يمكن القول بها معاً، فلزم الترجيح، وهو هنا تصحيح لقول، وترك للآخر.
واطراح ما جاء عنهم بالكلية في هذين النوعين من الاختلاف معناه مناقضة قولهم، وعدم الاعتبار به، وهذا واقع بعض ممن تعرض للتفسير
_________
(١) ملاحظة: السلف عند أصحاب الإعجاز العلمي كل المفسرين السابقين، وليس مقصوراً على هذه الطبقات الثلاث.


الصفحة التالية
Icon