كانت أم سائلاً فإنها تقتل وتلتهم، وهذا سر هذه المذبحة، والوهن كلمة عربية تعبر عن غاية الجهد والمشقة والمعاناة، وهذا شأن من يلجأ لغير الله ليتخذ منه معيناً ونصيراً» (١).
مدارسة هذا التفسير:
أولاً: يلاحظ أن الباحث لم يرجع إلى المفسرين ولا إلى اللغويين لتقرير ما يحتاج إلى تقرير، ولمعرفة مدى قرب تفسيره من تفسير هؤلاء السالفين، فهل يا تُرى نحن في غِنى عن تفسيرهم وفهمهم للقرآن؟!
ثانياً: يلاحظ انطلاق الباحث من العلم التطبيقي أو التجريبي إلى القرآن، فهو يريد التوفيق بين ما جاء في العلم التجريبي مع ما جاء في القرآن، وهذا ظاهر جدّاً في مقالته هذه، وهو لم يذكر غير رأيه المبني على العلم التجريبي المعاصر.
ثالثاً: نَفْيُ علم السابقين بكون أنثى العنكبوت هي التي تنسج البيت = غيرُ سديد، فإنَّ عدم علمنا برأيهم لا يعني العدم، فلو ورد منهم إثباتُ خلافِ ذلك أو نفيُه لصحَّ ما ذكره الباحث هنا.
وليُعلم أن الذين نزل عليهم الخطاب عربٌ يفهمون تعبيراته وخطاباته، فإن كان التعبير بتاء التأنيث دلالة على الأنثوية ـ كما قال الباحث ـ فذلك مما يدركه العربي بلا ريب، فهذا لسانه، وهو أدرى به، وسيفهم أن المتَّخِذَ للبيت هو الأنثى؛ لأن الله نسب إليها الاتخاذ، وكون هذه القضية لم يدركها المعاصرون إلا بالملاحظة والتجربة لا يعني أن السابقين لا يعرفونها.
رابعاً: إن هذا التفسير خروج عن المتبادر للذهن، والمعروف من حال بيت العنكبوت، فهو ضعيفٌ لا محالة، وما كشفه العلم الحديث لا
_________
(١) مجلة آيات (ع٧/ ١٤٢٥هـ/ص: ٢٦ - ٢٧).


الصفحة التالية
Icon