دلالة على السبق القرآني لهذه الظاهرة العلمية لمن يتفكر ويبحث فيها من المتقدمين والمتأخرين.
وقد أتت هذه النواحي الإعجازية مجملة غير مفصَّلة لتبقي مجال التفكير مفتوحاً وفرص اكتشاف الحقيقة متساوية لجميع من أنزل إليهم هذا القرآن من الأولين والآخرين.
الناحية الإعجازية الأولى: في هذه الآية: تتمثل في أنه عند ذكر قسوة الحجارة ذكر معها أحد الظروف التي لها تأثير كبير على التغير في هذه القسوة وهو وجود الماء والمقدار النسبي لضغطه داخل الحجارة ونفاذية الحجر. يذكر إدقر دبليو سبنسر (Edgar W. Spencer) في كتابه (مدخل إلى تركيب الأرض): (أنه كلما زاد ضغط الماء داخل الحجارة فإنها تكون أضعف وأكثر قابلية للتكسر (Brittle)، ويشترط سبنسر لهذا التأثير (أن تكون الحجارة ذات نفاذية كبيرة نسبيّاً بحيث تسمح بتوزيع متماثل للضغط في الأجزاء المختلفة من الحجارة)، وهذا الشرط يعني أن يكون الحجر قابلاً لأن ينفذ الماء خلاله أو منه بسهولة بحيث يمكن أن يمر خلال الحجر أو يتدفق منه معدلات كبيرة نسبيّاً من الماء. فإذاً هنا ربط بين ضغط الماء ـ الحاصل من كميات الماء التي من الممكن أن تتدفق من الحجر ـ وقابلية الحجر للتكسر، وهذه الحقيقة التي دُرست وحُققت في المختبرات قد أثبتها القرآن الكريم ملخصة في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ﴾ [البقرة: ٧٤] ففي لفظة ﴿يَتَفَجَّرُ﴾ إشارة إلى أمرين:
الأول: هو وجود الماء تحت ضغط عالٍ داخل الحجر.
والثاني: هو تعرض الحجر للتكسر وليس للتشقق، وذلك بسبب هذا الضغط العالي، حيث إن كلمة التفجر بالنسبة للتحجر تعني التفكك القوي المفاجئ، أما (لفظة الأنهار) فتدل على غزارة المياه التي تخرج من هذا النوع من الحجر، وبالتالي إلى النفاذية الكبيرة لذلك الحجر،


الصفحة التالية
Icon