٣ - لا شكَّ أن الدعوة بالإعجاز العلمي هي أحد طرق الدعوة، وليس هو طريقها الوحيد في هذا العصر، بل ليس هو أنجعها وأنفعها، وكون بعضهم يزعم أن الإعجاز العلمي أهم الأسباب التي سوف تنقذ هذه الأمة من تخلفها وعجزها غير دقيق، بل إن الرجوع إلى كتاب ربنا والعمل بما فيه من الآيات التي تدعونا إلى عمارة الأرض والجد والاجتهاد فيما يعود على الإنسان وأمته والناس بالخير والسعادة في الدنيا والآخرة هو الطريق الأمثل في هذا الموضوع.
وأيضاً، فإن طلب قيادة البشرية لا يكفي فيه العلم وحده، بل لا بد له من قوة تحميه، فإذا وُجِد العلم ولم توجد له قوة تحميه فإنه يهاجر إلى هذه القوة؛ كما هو الحال في هجرة كثير من علماء المسلمين وغيرهم إلى الدول التي تحميهم في كل المجالات.
ومما يحسن التنبه له في مجال بيان الحق للناس ودعوتهم إليه بالإعجاز العلمي= أن تصديق القرآن مرتبط بالاستعداد النفسي والتجرد للحق، فكم من العلماء الغربيين قد سمعوا ما يذكره الباحثون في الإعجاز ومع ذلك لم يُسْلِموا ولم تهتزَّ لهم شعرة.
٤ - إن بعض المعتنين بالإعجاز دخلوا في هذا المجال بسبب ردود الفعل؛ إما بما رأوا من تنقص بعض الملحدين للمسلمين ودينهم، وإما بسبب ما يَرَونَه من الهجمة الشرسة على الإسلام والدعوى بأنه دين جامد يحارب العلم، ولقد كان لرَدَّةِ الفعل هذه أثرٌ في طريقة تفكيرهم وتناولهم لتفسير الآيات تفسيراً يتناسب مع ما أُوتوه من علم بشري تجريبي أو كوني.
ولقد بلغ الحدُّ ببعضهم أن أعطى هذا الموضوع أكبر من حجمه حتى أصبح يدعو إلى وضع مادة مستقلة للإعجاز العلمي تدرس في المدارس لعامة الطلاب، وأن تخصص في الجامعات أقسام خاصة له،


الصفحة التالية
Icon