(ت: ١٠٤): «شَتْماً»، وعن قتادة (ت: ١١٧): «لا تسمعُ فيها بَاطِلاً ولا شَاتِماً» (١).
ثَمَّ ذَكرَ عنِ الفرَّاءِ (ت: ٢٠٧) احتمالاً لُغويًّا لكنه لم يقبل قوله، مع أنَّه ذكر أنَّ لقوله وجهاً، وإنما لم يعتدَّ به لعدم وروده عن السَّلف، فقال: «وزعمَ بعضُ الكوفيين أنَّ معنى ذلكَ: لا تسمعُ فيها حالفةً على الكَذِبِ (٢)، ولذلك قيل: لاغية.
ولهذا الذي قاله مذهبٌ ووجهٌ، لولا أنَّ أهلَ التأويلِ منَ الصحابةِ والتابعين على خلافِهِ، وغيرُ جائزٍ لأحدٍ خلافهم فيما كانوا عليه مجمعين» (٣).
الثالثةُ: استعمالُ اللُّغةِ في التَّرجيحِ:
أبدعَ الطبري (ت: ٣١٠) في استخدام اللُّغةِ حالَ ترجيحِه لقولٍ من أقوالِ المفسِّرينَ، وكانَ في هذا دلالةٌ على تمكُّنِهِ ومعرفتِه بلغةِ العربِ، وهذه القضيَّةُ بحاجةٍ إلى دراسةٍ مستقلَّةٍ تبيِّنُ طريقتَه في اعتمادِه اللغةَ في التفسير.
والأمثلةُ في اعتماده اللُّغةَ في التَّرجيحِ بين أقوالِ المفسِّرينَ كثيرةٌ، وسأذكرُ بعضَها، ومنها:
١ - في قوله تعالى: ﴿لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلاَ أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ [الأحزاب: ٥٢]، ذكرَ أقوالَ السلفِ في معنى «تبدَّل» وهي:
الأول: أنْ تُطلِّقَهنَّ وتتزوجَ غيرهنَّ، وهو قول أبي رَزِين (ت: ٨٥) (٤)، ومجاهد (ت: ١٠٤)، والضحاك (ت: ١٠٥)، على اختلافٍ بينهم في توجيهِ التبديلِ.
_________
(١) ينظر: تفسير الطبري، ط: الحلبي (٣٠: ١٦٣).
(٢) معاني القرآن، للفراء (٣: ٢٥٧).
(٣) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٣٠: ١٦٣). وينظر مثالاً آخر في: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (٣: ٢٠٤ - ٢٠٦).
(٤) مسعود بن مالك، أبو رَزِين الأسدي الكوفي، روى عن: علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس وغيرهم، وعنه: عُبيد بن مِهران المُكْتِب ومنصور بن المعتمر، ثقة فاضل، توفي سنة (٨٥). ينظر: تهذيب الكمال (٧: ٩٠ - ٩١)، وتقريب التهذيب (ص: ٩٣٦).