وعرَّفه في الموضعِ الثاني، فقال: «هو عِلْمُ نُزولِ الآيةِ وسورتِها وأقاصيصِها والإشاراتِ النَّازلةِ فيها، ثُمَّ ترتيبُ مكِّيِّها ومدنِّيها، ومحكمِها ومتشابِهها، وناسخِها ومنسوخِها، وخاصِّها وعامِّها، ومطلقِها ومقيدِها، ومجملِها ومفسرِها.
وزادَ فيه قومٌ، فقالوا: علمُ حلالِها وحرامِها، ووعدِها ووعيدها، وأمرِها ونهيِها، وعِبَرِها وأمثالِها» (١).
* وقال ابنُ عَرَفَةَ المالكي (ت: ٨٠٣) (٢): «... هو العلمُ بمدلولِ القرآنِ وخاصِّيَةِ كيفيةِ دلالتِه، وأسبابِ النُّزولِ، والنَّاسخِ والمنسوخِ.
فقولنا: خاصيةِ كيفيَّةِ دلالتِه: هي إعجازُه، ومعانيه البيانيَّةُ، وما فيه من علمِ البديعِ الذي يذكره الزَّمَخْشَرِيُّ (٣)، ومن نحا نحوه» (٤).
* وقال الكَافِيجِيُّ (ت: ٨٧٩) (٥): «وأمَّا التَّفسيرُ في العُرْفِ، فهو كشفُ معاني القرآنِ، وبيانُ المرادِ.
_________
(١) البرهان في علوم القرآن، للزركشي (٢: ١٤٨).
(٢) محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي، المالكي، أبو عبد الله، تمهَّر في الفنون وأتقن المعقول، إلى أن صار إليه المرجع في بلاد المغرب، وعلق عنه بعض أصحابه كلاماً في التفسير، كثير الفوائد، في مجلدين، وكان يلتقطه في حال قراءتهم عليه، ويدوّنه أولاً فأولاً، وكلامه فيه دَالٌّ على توسع في الفنون وإتقان وتحقيق، وقد طُبع جزء من تفسيره برواية تلميذه أبي عبد الله محمد بن خلفة الأُبِّي، توفي ابن عرفة سنة (٨٠٣). ينظر: إنباء الغمر (٤: ٣٣٦ - ٣٣٨)، وشذرات الذهب (٧: ٣٨).
(٣) محمود بن عمر الزمخشري، أبو القاسم، جار الله، إمام في اللغة والنحو والأدب، وكان معتزلياً مجاهراً بذلك، وله في التفسير كتابه الشهير المعروف بالكشاف، توفي بقصبة خوارزم سنة (٥٣٨). ينظر: نزهة الألباء (ص: ٢٩٠ - ٢٩٢)، ومعجم الأدباء (١٩: ١٢٦ - ١٣٥).
(٤) تفسير ابن عرفة، برواية الأبي (١: ٥٩).
(٥) محمد بن سليمان الرومي الحنفي، أبو عبد الله الكافيجي [لُقِّب بذلك لكثرة اشتغاله =