قال: «تلَّهُ يتُلُّه تلًّا: إذا صَرَعَهُ. وكذا فُسِّرَ في التَّنْزيلِ: ﴿وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ [الصافات: ١٠٣]. والله أعلم بكتابه» (١).
ولما كانَ ابنُ دريدٍ (ت: ٣٢١) قدْ أَمْلَى كتابَه حفظاً، فإنه قدْ وقعَ منه في بعضِ ما نسبهُ إلى أبي عبيدةَ (ت: ٢١٠) وَهْمٌ، ومن ذلك:
١ - قال: «وذكرَ أبو عبيدةَ في قولِه عزّ وجل: ﴿فَهُمْ مُقْمَحُونَ﴾ [يس: ٨]؛ أي: شاخصونَ بعيونِهم رافعو رؤوسِهم. والإبلُ قِمَاحٌ: إذا قَامَحَتْ عنِ الماءِ، قالَ الشاعرُ (٢):
وهذا يخالفُ قولَ أبي عبيدةَ؛ لأنه قالَ: نَغُضُّ الطَّرْفَ، فكأنَّ المُقْمَحَ ـ واللهُ أعلمُ ـ: الرافعُ رأسَه، شاخصاً كان أو مُغْضِياً» (٣).وَنَحْنُ عَنْ جَوَانِبِهَا قُعُودٌ نَغُضُّ الطَّرْفَ كَالإبِلِ القِمَاحِ
والذي جاءَ في (مجازِ القرآنِ): «المُقْمَحُ والمُقْنَعُ: واحدٌ تفسيرُه؛ أي: يجذبُ الذَّقْنَ حتى يصيرَ في الصدرِ، ثمَّ يرفعُ رأسَه، قالَ بِشْرُ بنُ أبي خَازِمٍ الأسدي (٤):
وَنَحْنُ عَنْ جَوَانِبِهَا قُعُودٌ،
نَغُضُّ الطَّرْفَ كَالإبِلِ القِمَاحِ» (٥)
_________
(١) جمهرة اللغة (١: ٧٩ - ٨٠). وينظر في الجزء الأول للألفاظ الآتية؛ اجتثت (ص: ٨١)، ثُلَّة (ص: ٨٤)، مجذوذ (ص: ٧٨)، محرراً (ص: ٩٦)، تحسونهم (ص: ٧٩)، دكاء (ص: ١١٤)، لُدًّا (ص: ١١٤) وُدًّا (ص: ١١٥)، وغيرها.
(٢) البيت لبشر بن أبي خازم الأسدي، وهو في ديوانه، تحقيق: عِزَّة حسن (ص: ٩١).
(٣) جمهرة اللغة (١: ٥٦٠).
(٤) بشر بن أبي خازم بن عمرو الأسدي، شاعر جاهلي، شهد حرب طيء وأسد، وكان أشهر شعراء بني أسد، وكان قُتِلَ في أحد غزواتِ قومه. ينظر: الشعر والشعراء (٢٧٠ - ٢٧١)، ومعجم الشعراء (ص: ٣٩).
(٥) مجاز القرآن (٢: ١٥٧). وقد نقل الطبريُّ النصَّ نفسَه الذي في المجاز، ونسبه إليه بقوله: «والمقمح: المقنع، وهو أن يَحْدُرَ الذَّقْنَ حتى يصيرَ في الصدرِ، ثمَّ يرفع رأسه في قول بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة». تفسير الطبري =