وإن صحَّ، فهو في التَّأويل (١): فَنِيَ عِلمُهم في معرفةِ الآخرةِ» (٢).
وليس لشَمِرٍ (ت: ٢٥٥) في صحةِ هذا التَّأويلِ سوى حكايةِ هذا المعنى في اللُّغةِ، وهذا غير كافٍ في إثباته، إذ لا يلزم من صحةِ المعنى لغةً صِحَّتُه في التَّفسير.
٢ - وما فسَّرَ به أبو عبيدةَ (ت: ٢١٠) قولَ الله تعالى: ﴿ثُمَّ يَاتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يُعْصِرُونَ﴾ [يوسف: ٤٩]، قال: «أيْ: به ينجونَ، وهو من العَصَرِ، وهي العُصْرَةُ أيضاً، وهي المنجاةُ، قال (٣):
........... ولقد كان عُصْرَةَ المنجودِ
أي: المقهورُ والمغلوبُ»
(٤).
وتفسير السَّلف على خلافه، فقد فسَّروه على معنى العَصْرِ؛ أي: عصر العنب وغيره، ورد ذلك عن ابن عباس (ت: ٦٨)، ومجاهد (ت: ١٠٤)، والضَّحَّاك (ت: ١٠٥)، وقتادة (ت: ١١٧)، والسُّدِّيِّ (ت: ١٢٨) (٥).
وقولُ السَّلفِ أقربُ إلى سياقِ القصةِ؛ لأن العَصْرَ كانَ منْ شأنهم؛ لذا كانتْ رؤيا السَّاقي أنه يعصرُ خمراً، ثمَّ إنَّ في قوله تعالى: ﴿فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ﴾ إشارةً إلى هذا المعنى الذي ذكرَه أبو عبيدةَ (ت: ٢١٠)، ومن ثَمَّ، يكون تفسيره من باب تأكيد المعنى، وقولُ السَّلفِ فيه تأسيسُ معنى آخرَ، وإذا دارَ الكلامُ
_________
(١) يريد تفسير قوله تعالى: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ﴾ [النمل: ٦٦]، وهي في قراءة ابن كثير وأبي عمرو: «أَدْرَكَ». ينظر: إعراب القراءات السبع (٢: ١٦١).
(٢) تهذيب اللغة (١٠: ١١٤).
(٣) البيت لأبي زبيد الطائي، في ديوانه (ص: ٥٩٤)، ضمن كتاب: شعراء إسلاميون، وهو في قصيدة له يرثي فيها اللجلاج ابن أخته، وصدر البيت:
صادياً يُستغاث غير مغيثٍ.........
(٤) مجاز القرآن (١: ٣١٣ - ٣١٤).
(٥) ينظر أقوالهم في تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٦: ١٢٩ - ١٣٠).


الصفحة التالية
Icon