القسمُ الأولُ: أنْ يستشهدوا لذلك بالشِّعرِ.
لقد كان الشِّعرُ ديوانَ العربِ، إذ فيه مخزونٌ من حضارتِهم ولغتِهم، وكانَ السَّلفُ يعمدونَ إلى تلك الأشعار العربيَّةِ فيستعينونَ بها في التَّفسيرِ، ولمْ تكنْ قليلةً، وإن كانت من أقلِّ الواردِ عنهم في التَّفسيرِ اللُّغويِّ، ومن الأمثلةِ الواردةِ عنهم في ذلك:
١ - عن عكرمةَ (ت: ١٠٥) أنَّ ابنَ عباسٍ (ت: ٦٨) سُئِلَ عن قولِه تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: ٤] قالَ: لا تلبسْها على غَدْرَةٍ ولا فَجْرَةٍ، ثمَّ قالَ: ألا تسمعون قولَ غيلانَ بنِ سلمةَ (١):
إني بِحَمْدِ اللهِ لا ثَوبَ فَاجِرٍ
لَبَسْتُ، ولا مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنَّعُ (٢)
وبهذا قال الفراء (ت: ٢٠٧): «لا تكن غادراً فتدنِّسَ ثيابَك، فإنَّ الغادرَ دَنِسُ الثيابِ» (٣).
٢ - وعن عكرمةَ (ت: ١٠٥)، عن ابنِ عباسٍ (ت: ٦٨) في قولِه تعالى: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤]، قال: «على الأرضِ.
_________
(١) غيلان بن سلمة بن مُعْتِب بن مالك الثقفي، من شعراء الطائف، مخضرمٌ أدرك الإسلام. ينظر: طبقات فحول الشعراء (ص: ٢٦٩)، معجم الشعراء (ص: ٢٠٦).
(٢) أخرجه: سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير (ط: الحلبي: ٢٩: ١٤٥)، وابن أبي حاتم وابن الأنباري في الوقف والابتداء (ص: ٦٣)، وابن مردويه، من طريق عكرمة، ينظر: الدر المنثور (ط: دار الفكر: ٨: ٣٢٦). وقد أخرجه ابن جرير من طريق العوفي عنه (٢٩: ١٤٤ - ١٤٥).
والبيت في تهذيب اللغة (٦: ١٢٧)، ولسان العرب وتاج العروس، مادة (طهر). وقد نُسِبَ البيت لغير غيلان، ينظر: المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية، د. إميل يعقوب (٤: ٣٤٧).
(٣) معاني القرآن، للفراء (٣: ٢٢٠). وينظر: مادة (ثوب) في لسان العرب وتاج العروس.


الصفحة التالية
Icon