قال: فذكرَ شعراً قالُه أُميةُ بنُ أبي الصلتِ (١)، فقال (٢):
عندنا صيد بحر وصيد ساهرة» (٣).
هذا المعنى حكاهُ أهلُ اللُّغةِ، ومن ذلك ما ذكره ابن فارس (ت: ٣٩٥)، قال: «ويقالُ للأرضِ: السَّاهرةُ، سُمِّيتْ بذلك لأنَّ عملها في النَّبْتِ دائماً ليلاً ونهاراً (٤)، ولذلك يقالُ: خيرُ المالِ عينٌ خرَّارَةٌ (٥)، في أرضٍ خوَّارةٍ (٦)، تسهرُ إذا نِمْتَ، وتشهدُ إذا غِبْتَ. وقال أُميةُ بنُ أبي الصلتِ:
وقالَ آخرُ ـ وذكرَ حميرَ وحشٍ ـ (٧):وفِيهَا لَحْمُ سَاهِرَةٍ وَبَحْرِ وَمَا فَاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقِيمُ
_________
(١) عبد الله بن أبي ربيعة، من ثقيف بن بكر هوازن، شاعر جاهلي، وكان قرأ الكتب الدينية، وعلم بظهور نبي آخر الزمان، فكان يرجو أن يكونه، ولما ظهرت النبوة في محمد صلّى الله عليه وسلّم تنكر له، ولم يسلم، مات بالطائف سنة (٨). ينظر: معجم الشعراء، لعفيف عبد الرحمن (ص: ٣٠).
(٢) البيت ورد في ديوان أمية بن الصلت، تحقيق: بشير يموت (ص: ٥٤)، كالآتي:
وفِيهَا لَحْمُ سَاهِرَةٍ وَبَحْرِ
وَمَا فَاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقِيمُ
وقد استدلّ به الشعبي على معنى الساهرة، ولفظ الشعر عنده كلفظ الديوان، ينظر: الدر المنثور (٨: ٤٠٨)، وفيه ذِكْرُ من أخرجه، وهم: ابن أبي شيبة (الكتاب المصنف: ١: ٤٧٥، ٨: ٤٠٨) وعبد بن حميد. وكذا استدلَّ به عكرمة على المعنى نفسه، ينظر: تفسير الطبري، ط: الحلبي (٣٠: ٣٦ - ٣٧).
(٣) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٣٠: ٣٦).
(٤) هناك وجهٌ آخر في سبب تسميتها بالساهرةِ ذكره الفراء، فقال: «وقولُ اللهِ عزّ وجل: ﴿فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ﴾ [النازعات: ١٤]: وجه الأرض، كأنها سُميتْ بهذا الاسم؛ لأن فيها الحيوان: نومهم وسهرهم». معاني القرآن، للفراء (٣: ٢٣٢).
(٥) عين الماء الجارية، سُمِّيت خرَّارة؛ لخرير مائها، وهو صوته. ينظر: تهذيب اللغة (٦: ٥٦٥).
(٦) قال أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة (٧: ٥٥١): «وأمَّا الأرض الخوَّارة: فهي اللينة السهلة».
(٧) البيت لأبي كبيرٍ الهُذلي كما في ديوان الهذليين، ط: دار الكتب المصرية =