الرسول صلّى الله عليه وسلّم: لغةِ قريشٍ؛ لذا كان المفسِّرونَ من السَّلفِ يُعيِّنونَ القبيلةَ التي نزل القرآنُ بلفظِها.
ولَعَلَّ هذا يُفسِّرُ ما وقعَ لبعضِ الصَّحابةِ رضي الله عنهم من جهلِ شيءٍ من معاني ألفاظِه؛ كالذي وقعَ لعمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه في عدمِ معرفتِه معنى «الأبِّ» من قوله تعالى: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١]، عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: «قرأ عمرُ بنُ الخطابِ: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ [عبس: ٣١]، ومعه عصا في يدِه، فقال: ما الأَبُّ؟، ثمَّ قالَ: بِحَسبِنَا ما قد عَلِمنَا، وألقى العصا من يدِه» (١).
والذي وقع لابن عباس (ت: ٦٨) في لفظ: فاطر السموات، فقد ورد عنه أنَّه قالَ: «كنتُ لا أدري ما فاطر السَّموات؟ حتى أتاني أعرابيَّان يختصمان في بئرٍ، فقال أحدهُما: أنا فطرتها، يقول: أنا ابتدأتها» (٢).
ومن أمثلة ما فسَّروه بلغات العرب:
١ - عن أبي الصَّلت الثقفي (٣): «أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ ـ رحمةُ اللهِ عليه ـ قرأ هذه الآية: ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا﴾ [الأنعام: ١٢٥] بنصب الراءِ. قال: وقرأ بعض من عنده من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ضَيِّقاً حَرِجاً» (٤).
_________
= تحقيق: صلاح الدين المنجد، والإتقان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم (٢: ٨٩)، وكتاب معجم لغات القبائل والأمصار، للدكتور جميل سعيد وداود سلوم، ثُمَّ ينظر: من كتب في هذا الموضوع في كتاب معجم المعاجم، لأحمد الشرقاوي إقبال (ص: ١٦ - ١٧).
(١) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٣٠: ٥٩).
(٢) فضائل القرآن، لأبي عبيد (ص: ٢٠٦)، وينظر: غريب الحديث، له، تحقيق: حسين محمد محمد شرف (٥: ٤١٢)، والدر المنثور (٧: ٣).
(٣) أبو الصلت الثقفي، روى عن عمر رضي الله عنه، وعنه عبد الله بن عمار اليمامي، وهو مقبول، ينظر: الجرح والتعديل (٩: ٣٩٤) وتقريب التهذيب (ص: ١١٦٣).
(٤) قرأ بكسر الراء نافع وعاصم من رواية أبي بكر شعبة، وقرأ الباقون بالفتح، ينظر: إعراب القراءات السبع وعللها، لابن خالويه (١: ١٦٩).