قالَ صفوانُ (١): فقالَ عمرُ: أَبغُوني رَجُلاً من كِنَانةَ، واجعلوه راعيَ غنمٍ، وليكن مُدْلِجياً (٢). قالَ: فأتوا به. فقالَ عمرُ: يا فتى ما الحرجةُ؟
قالَ: الحرجةُ فينا: الشَّجرةُ تكونُ بينَ الأشجارِ التي لا تصلُ إليها راعيةٌ ولا وَحْشِيَّةٌ ولا شيءٌ.
قالَ عمرُ: كذلك قلبُ المنافقِ لا يَصِلُ إليه شيءٌ من الخيرِ» (٣).
وقد قالَ محمود شاكر في تعليقِه على هذا الأثرِ: «وهذا خبرٌ عزيزٌ جداً في بيانِ روايةِ اللُّغةِ وشرحِها، وسؤالِ الأعرابِ والرُّعاةِ عنها» (٤).
٢ - وعن عكرمةَ (ت: ١٠٥)، عن ابنِ عباس (ت: ٦٨) في قوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ﴾ [النجم: ٦١] قالَ: «هو الغِناءُ. كانوا إذا سَمِعُوا القرآنَ تَغَنَّوا ولَعِبُوا، وهي لغةُ أهلِ اليمنِ. قالَ اليمانيُ: اسْمُد» (٥).
_________
(١) لم يتبيَّن لي من صفوان هذا، إذ فيه عدد ممن له صحبة بهذا الاسم، ولعله اسم أبي الصلت الثقفي، لكن لم أجد في المراجع ما يؤيد ذلك، والله أعلم.
(٢) أي: من بني مدلجٍ، وبنو مُدْلِجٍ قبيلةٌ من كنانة، ومدلجٌ: هو ابن مرة بن عبد مناة بن كنانة. ينظر: تاج العروس مادة (دلج).
(٣) تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٢: ١٠٤) والأثر فيه عبد الله بن عمار، يروي عن أبي الصلت، وهو مجهول. ينظر: تقريب التهذيب (ص: ٥٢٨)، ثُمَّ ينظر: تفسير القرطبي، ط: دار الكتب المصرية (١٠: ١١١)، فقد أورد مثالاً آخر لعمر رجع فيه إلى لغة هذيل، وذلك في معنى التَّخَوُّف من قوله تعالى: ﴿أَوْ يَاخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾ [النحل: ٤٧].
(٤) ينظر: حاشية رقم ٤ من تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٢: ١٠٤).
(٥) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٧: ٨٢). وقد رواه بسندين آخرين عن عكرمة (٢٧: ٨٢، ٨٣). وأخرجه أبو عبيدٍ في غريب الحديث، تحقيق: حسين محمد محمد شرف (٤: ٣٧٣)، وينظر: الدر المنثور (٧: ٦٦٧)، فقد ذكر مخرجيه، وهم: عبد الرزاق (تفسيره بتحقيق قلعجي ٢: ٢٠٦)، والفريابي، وأبو عبيد في فضائله (ص: ٢٠٥)، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي (تحقيق: عمرو عبد المنعم، ص: ٤٢، ٤٣) والبزار، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه (١٠: ٢٢٣). =