والمقصود أن يُرام في البحوث التَّحديد، وأن لا يكون طول البحوث مراداً على كيفيَّتها والقدرة على تحريرها، وأن يكون البحثُ ـ ولو كان قصيراً ـ معتَبراً بما قدَّم من جديدٍ في التأليف وحسن التصنيفِ من جمع متفرِّقٍ مفيدٍ، أو ابتكار معلومٍ جديدٍ، أو اعتراضٍ على خطأ منتشر، أو غيرها مما هو داخل في حيِّزِ الابتكار، خارجٍ عن النقل والرَّصفِ والتكرارِ بلا عقلٍ ولا رأي.
هذا.. وقد بحثتُ في حيثيَّةِ كونِ اللُّغةِ مصدراً من مصادرِ التَّفسيرِ = جملةً من المسائلِ، منها:
* كيفَ كان التَّفسيرُ بها؟
* كيف اعتمدها السَّلفُ واللُّغويُّون، وما مصادرُ من أرادَ الاستفادةَ من تفسيرِ القرآنِ باللُّغةِ.
* ما ضوابطُ التَّفسيرِ بها عند الاحتمالِ؟.
* مسألةُ تفسيرِ السَّلفِ ومدى الاستفادةِ منه في البحثِ اللغويِّ، وكنت أظنُّ أن أجد لأعلامِ المفسِّرينَ ذكراً كثيراً في كتبِ اللُّغةِ كما هو الحالُ في ذكرِ أعلامِ اللُّغويِّينَ، ولكن من خلالِ ما قرأته من كتب اللغة وجدت أنَّه لم يكن لكثير من اللُّغويينَ عناية بنقل تفسيرِ السَّلفِ، ولم يعتمدوا عليه في بيان مدلولاتِ ألفاظِ اللُّغةِ، ولا في بيان الألفاظِ القرآنيةِ التي يفسِّرونها.
* لماذا ارتبطَ التفسيرُ اللُّغويُّ باللُّغويِّينَ، وصارَ الفرَّاء (ت: ٢٠٧)، وأبو عبيدة (ت: ٢١٠) وغيرهما المقدَّمينَ فيه، وأُغفلَ تفسيرُ السَّلفِ اللغويِّ؟
* لو اعترضَ لغويٌّ على تفسيرِ أحدِ السَّلفِ من جهةِ اللُّغةِ، فأيهما يقدَّمُ؟
أيقدَّمُ قولُ اللُّغويِّ؛ لأنَّه صاحبُ تخصُّصٍ، أم يقدَّمُ قولُ الواحدِ من مفسِّريِّ السَّلف؛ لأنهم أهل اللغةِ وفي عصر الاحتجاج؟