مقدمة:
فن الضبط علم يعرف به ما يدل على عوارض الحرف التي هي الفتح والضم والكسر، والسكون والشد والمد ونحو ذلك مما سيأتي، ويرادف الضبط الشكل، وأما النقط فيطلق بالاشتراك على ما يطلق عليه الضبط، والشكل وعلى الإعجام الدال على ذات الحروف، وهو النقط أفرادا وأزواجا المميز بين الحرف المعجم والمهمل، وموضوع فن الضبط العلامات الدالة على عوارض الحرف التي هي الحركة، والسكون وغيرهما مما سيأتي، ومن فوائده إزالة اللبس عن الحروف، بحيث إن الحرف إذا ضبط بما يدل على تحريكه بإحدى الحركات الثلاث لا يلتبس بالساكن، وكذا العكس، وإذا ضبط بما يدل على تحريكه بحركة مخصوصة لا يلتبس بالمتحرك بغيرها، وإذا ضبط بما يدل على التشديد لا يلتبس بالحرف المخفف، وإذا ضبط بما يدل على زيادته لا يلتبس بالحرف
الأصلي وهكذا، والضبط كله مبني على الوصل بإجماع علماء الفن إلا مواضع مستثناة تعلم مما سيأتي بخلاف الرسم، فإنه مبني على الابتداء والوقف كما ذكرناه في مقدمة فن الرسم.
واعلم أن العرب لم يكونوا أصحاب شكل، ونقط فكانوا يصورون الحركات حروفا، فيصورون الفتحة ألفا ويضعونها بعد الحرف المفتوح، ويصورون الضمة واوا، ويضعونها بعد الحرف المضموم، ويصورون الكسرة ياء، ويضعونها بعد الحرف المكسور، فتدل هذه الأحرف الثلاثة على ما تدل عليه الحركات الثلاث من الفتح، والضم، والكسر.
ولما كتب الصحابة رضي الله عنهم القرآن في المصاحف لم يصوروا فيها تلك الأحرف الدالة على ما تدل عليه الحركات الثلاث، مخافة أن تلتبس بأحرف المد، واللين الأصول، ولم يكن الضبط بالعلامات الآتية موجودًا عندهم. والصحيح أن المستنبط الأول للضبط هو أبو الأسود الدؤلي١، وسبب استنباطه له أن زياد بن أبي سفيان -أمير البصرة