كما نص عليه الداني وبه العمل، وأما نزول المط عليها فسنتكلم عليها في الباب الذي بعد هذا، وقوله "محركة" حال من فاعل "أتت" الذي هو ضمير عائد على الحرف، وأنث ضميره والحال الآتية منه نظرا إلى معناه؛ لأنه بمعنى الحروف فهو كقوله تعالى: ﴿أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾ ١، معناه أو الأطفال.
ثم قال:

ففتحة أعلاه وهي ألف مبطوحة صغرى وضم يعرف
واوًا كذا أمامه أو فوقا وتحته الكسرة ياء تلقى
أشار في هذين البيتين إلى صفة الحركات الثلاث، وإلى محلها من الحروف على مذهب الخليل الذي اختاره لجريان العمل به كما تقدم، وإن كان الداني اختار نقط أبي الأسود، فأشار بقوله: "أعلاه" إلى محل الفتحة يعني أنها توضع فوق الحرف، ولم يحك قول من جعلها أمام الحرف لضعف، وأشار بقوله: "مبطوحة صغرى" إلى صفتها، وجعلت مبطوحة أي مبسوطة، وممدودة من اليمين إلى اليسار لئلا يلتبس بأصلها الذي هو الألف، وجعلت صغيرة لتظهر مزية الأصل على الفرع، ثم أشار إلى صفة الضمة بقوله: "وضم يعرف واوا كذا" أي صغيرة كما ذكر في الفتحة، وأشار إلى محلها بقوله: "أمامه أو فوقا" أي لك وضع الضمة أمام الحرف على قول، ولك وضعها فوقه على قول آخره، وبقي قول ثالث بوضعها في نفس الحرف، ولم يحكه الناظم لضعفه، والمختار عند "المبرد"٢، وجماعة وضعها فوق الحرف وبه جرى العمل عندنا، ثم أشار إلى محل وضع الكسرة بقوله: "وتحته الكسرة" أي تحت الحرف سواء كان معرفا، أو غير معرف إلا أنه إذا كان معرفا كالنون، فإن الكسرة توضع في أول تعريفه، ثم أشار إلى صفة الكسرة بقوله: "ياء تلقى" وفيه حذف النعت لدلالة ما قبله عليه، والتقدير: تلقى ياء صغيرة، ومعنى تلقى توضع وتكون الياء الصغيرة مردودة كما نص عليه الشيخان، وظاهر كلام الناظم، وغيره أن الواو الدالة على الضمة، والياء الدالة على الكسرة لهما رأس، وذكر بعض
١ سورة النور: ٢٤/ ٣١.
٢ المبرد: ترجمته تقدمت.


الصفحة التالية
Icon