أي هذا القول في بيان أحكام السكون، وفي بيان موضع المط من الحرف الممدود، والمط والمد لفظان مترادفان، وأحكام السكون والتشديد التي بينها في هذا الباب هي علامتهما، ومحلهما وإنه لا يكتفي بعلامة التشديد عن علامة الحركة، وأما المط فلم يتعرض لعلامته وسنبينها بعد، وهذه الألفاظ التي هي السكون، والتشديد، والمط، والمد مصادر في الأصل، وهي في الاصطلاح أسماء للأشكال الدالة على المعاني القائمة بالحرف، وقوله: "من الممدود" حال من "موضع"، ثم قال:
فدارة علامة السكون... أعلاه والتشديد حرف الشين
ذكر في هذا البيت علامة السكون، ومحله وعلامة التشديد ومحله، فعلامة السكون أشار إليها بقوله: "فدارة علامة السكون"، ومحله أشار إليه بقوله: "أعلاه"، فكأنه يقول: فعلامة السكون دارة تجعل فوق الحرف الساكن أي منفصلة عنه، فالضمير في أعلاه عائد على الحرف الساكن المفهوم من قوله: "السكون"؛ لأن السكون صفة وكل صفة لا بد لها من موصول تقوم به، واقتصر في علامة السكون على الدارة اعتمادا على اختيار أبي داود، واقتداء بالأكثرين من نقاط مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم، فإنهم يجعلون علامة السكون دارة، وأخذوها مما تقرر عند أهل الحساب من جعل دارة صغيرة في المنزل الخالية من العدد دلالة على الخلو، فما كان الحرف الساكن خاليا من الحركة، جعلوا عليه تلك الدارة دليلا على خلوه من الحركة، وجرى بذلك عمل المتأخرين وعليه عملنا الآن، وفيه مذاهب آخر لم يتكلم عليها الناظم لكون المتأخرين، تركوا العمل بها منها مذهب الخليل، وأصحابه أن علامة السكون جاء هكذا "الحمد لله"، وأرادوا بذلك الحرف الأول من خفيف، ومنها مذهب نقاط الأندلس أن علامة السكون جرة، وأرادوا بذلك مذهب الخليل لكنهم أسقطوا رأس الخاء، وأبقوا مطتها إلا أن مذهبهم إنما يحسن مع نقط الدؤلي، ومنها مذهب بعض النحاة، والأقل من أهل المدينة أن علامة السكون هاء واقفة، فهؤلاء كلهم يقولون بافتقار الساكن إلى علامة السكون، وخالف في ذلك بعض نقاط العراق، فلم يجعلوا للسكون علامة أصلا، ثم أشار إلى علامة التشديد ومحله بقوله: "والتشديد حرف الشين" أي وعلامة التشديد شين يريد غير معرفة، ولا مجرورة، ولا منقوطة، ويريد أيضًا أنها


الصفحة التالية
Icon