أعلاه أي أعلى الحرف المشدد، وحذف "أعلاه" من هنا لدلالة "أعلاه" الأول عليه، هذا الوجه هو مذهب الخليل وأصحابه، وإنما قال الناظم: "حرف الشين"، ولم يقل "حرف السين"؛ لأن الخليل أخذ الحرف الأول من شديد -وهو الشين- وجعله علامة التشديد محتجا بأن العرب تستغني بالحرف الأول من الكلمة، والكلام بدليل قول الشاعر:

نادوهم إذ ألجموا ألاتا قالوا جميعا كلهم ألافا
أراد بالأول "ألا تركبون"، وبالثاني "ألا فاركبوا"، وعلى هذا الوجه غالب نقاط المشرق، واختاره "أبو داود"١ لمن ينقط بالحركات المأخوذة من الحروف لكون مخترع الجميع واحدا، وهو "الخليل"٢، وبهذا الوجه جرى عملنا، وسيذكر الناظم غير هذا الوجه، ثم قال:
ويجعل الشمل كما قلناه أمامه أو تحت أو أعلاه
يعني أنك أنك لا تكتفي بعلامة التشديد التي هي الشين المجعولة فوق الحرف المشدد، بل لا بد أن تضيف إليها شكل الحرف المشدد، فتجعله على الصفة المتقدمة بأن تجعل شكل الفتحة ألفا صغيرة مبطوحة، وشكل الضمة واوًا صغيرة، وشكل الكسرة ياء صغيرة، وهذا هو المراد بقوله: "كما قلناه" أي مثل الصفة التي ذكرناها للشكل في الباب السابق، وقوله: "أمامه أو تحت أو أعلاه" أراد به بيان محل يجعل الشكل الذي على الصفة المتقدمة؟ فأجاب بقوله: "أمامه" أي يجعل أمام الحرف المشدد يعني في الضم على قول، أو تحت أي تحت الحرف المشدد يعني في الكسر، أو أعلاه أي أعلى الحرف المشدد يعني في الفتح، ومثله في المحل الضم على قول آخر، وهو المختار المعمول به كما قدمناه، ولم يبين الناظم هل الفتحة توضع فوق الشين أو تحته، وكذا الضمة على القول بجعلها فوق الحرف، هل توضع فوق الشين أو تحته، والذي نص عليه الداني، وغيره وبه العمل أنهما يوضعان فوق الشين، ووجه أنهما لما تواردا مع الشين على محل واحد، وكانت الحركة تدل على شيء واحد -وهو تحريك- والشين يدل على شيئين -التحريك والشد- حصلت
١سبقت ترجمته.
٢ سبقت ترجمته.


الصفحة التالية
Icon