تنبيه: لا يدخل فيما ذكره الناظم في البيت الأول حروف المد التي في أوائل السور، وإن كانت ساقطة في الخط للإجماع على أنها لا تلحق، وأما نزول المط على الحروف التي قبلها المرسومة في فواتح السور نحو: ﴿الم﴾ ١ ﴿قَ﴾ ٢، ﴿نَ﴾ ٣، فلم يرد فيه نص عن المتقدمين، ولذا لم يتعرض له الناظم، وقد اختلف فيه المتأخرون فمنهم من قال بنزوله، ومنهم من قال بعدمه، والعمل عندنا على نزوله، ويجعل فوقها على ما جرى به العمل، وقال بعضهم: يجعل أمامها على محل حرف المد لو كتب هكذا: ﴿يس، وَالْقُرْآنِ﴾ ٤ وقال في ﴿آلم﴾ ٥ يجعل المط بين الألف، واللام؛ لأن ذلك هو موضع إلحاق الألف لو كتب إذ الصحيح أن الألف المحذوف المعانق للام يلحق من اليمين كما سيأتي، وقوله: "وان تشأ" شرط، ومفعوله محذوف تقديره غير إلحاق الحروف، و"تركنا" جواب الشرط و"إلحاقها" مفعول مقدم لـ"تركتا" و"مطة" مفعول أول لـ"جعلتا"، وموضعها ظرف في محل المفعول الثاني له، وهذه الجملة معطوفة على جملة جواب الشرط، والألف في "تركنا" و"جعلتا" ألف الإطلاق، ثم قال:

ومثل هذا حكمها يكون إن لم يكن همز ولا سكون
في كل ما قد زدته من ياء أو صلة أتتك بعد الهاء
تعرض هنا إلى حكم حروف المد الساقطة في الخط إذا لم يكن بعدها همز، ولا سكون، فأخبر أنه يخير فيها بين أن تلحق بالحمراء، وبين أن يستغني عن إلحاقها بجعل المط في موضعها، كما خير إذا كان بعدها همز أو سكون، فاسم الإشارة في قوله: "ومثل هذا" راجع إلى التخيير المتقدم، والضمير في حكمها يعود على حروف المد الساقطة، فإن قلت: ظاهر قول الناظم: "ومثل هذا حكمها" البيت، يقتضي وضع المط على حروف المد الملحقة إذا لم يكن بعدها همز، ولا سكون مع أنه لا يوضع عليها حينئذ، فالجواب أن مراد الناظم أن ما هنا مثل ما تقدم في التخيير في الإلحاق، وعدمه لا فيما زاد على ذلك إذ من المعلوم أن المط إنما يوضع على حروف المد إذا كان بعدها همز، أو سكون، ثم أشار إلى موضع التخيير المذكور هنا بقوله: "في كل ما قد زدته من ياء" البيت، أي في كل ما قرأته لنافع بزيادة الياء، وفي كل صلة أتتك بعد هاء الضمير.
١ سورة البقرة: ٢/ ١.
٢ سورة ق: ٥٠/ ١.
٣ سورة ن: ٦٨/ ١.
٤ سورة يس: ٣٦/ ١.
٥ سورة آل عمران: ٣/ ١.


الصفحة التالية
Icon