﴿وَفِيهِ يُعْصِرُونَ﴾ إلى: وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث، ويزعم أنه من (العَصَر) و (العُصْرَة) التي بمعنى المنجاة من قول أبي زبيد الطائي (١):
صَادِياً يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغَاثٍ | وَلَقَدْ كَانَ عُصْرَةَ المَنْجُودِ |
فَبَاتَ وَأَسْرَى الْقَوْمُ آخِرَ لَيْلِهِمْ | وَمَا كَانَ وقافاً بِغَيْرِ مُعَصَّرِ |
فالخلاف في معنى: ﴿وَفِيهِ يُعْصِرُونَ﴾ وقول الجمهور: يعصرون العنب حتى يكون خمراً فهي من (العَصْر)، وقول أبي عبيدة أنه من النجاة فهي من (العُصْرة).
وابن جرير رحمه الله لم يخالف أبا عبيدة في مدلول لفظة: ﴿يُعْصِرُونَ﴾ وأنها تأتي بمعنى (العُصْرة) التي هي المنجاة، بل خالفه في أن هذا المعنى ليس مراداً في هذا السياق.
السبب الرابع: اشتراك اللفظ بين معنيين فأكثر:
الاشتراك في اللفظ: أن يكون للفظ أكثر من معنى في لغة العرب؛ كلفظ (عسعس) الذي يأتي بمعنى: أقبل، ومعنى أدبر، إذ العرب استخدمت هذا اللفظ في هذين المعنيين المتضادين، فهما معنيان متضادان مشتركان في لفظ واحد.
ومن أمثلة ما له أكثر من معنى محتملٍ ما ورد في تفسير قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] هل المراد بالقرء الحيض أو المراد به الطهر؟
_________
(١) جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي، ص٥٨٣.
(٢) ديوانه، ص٤٩.
(٣) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ط. هجر ١٣/ ١٩٧.