ومن أمثلة هذا السبب: في تفسير سورة الكوثر عند المؤلف، يقول: «والكوثر (بثاء) مبالغة من الكثرة، وفي تفسيره سبعة أقوال:
الأول: حوض النبي صلّى الله عليه وسلّم.
الثاني: أنه الخير الكثير الذي أعطاه الله في الدنيا والآخرة، وقاله ابن عباس (ت٦٨هـ) وتبعه سعيد بن جبير (ت٩٥هـ)، فإن قيل: إن النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله فالمعنى أنه على العموم.
الثالث: أن الكوثر القرآن.
الرابع: أنه كثرة الأصحاب والأتباع.
الخامس: أنه التوحيد.
السادس: أنه الشفاعة.
السابع: أنه نورٌ وضعه الله في قلبه» (١).
ثم قال: «ولا شك أن الله أعطاه هذه الأشياء كلها، ولكن الصحيح أن المراد بالكوثر الحوض؛ لأنه ورد في الحديث الصحيح أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أتدرون ما الكوثر؟ هو نهر أعطانيه الله وهو الحوض آنيته عدد نجوم السماء»» (٢).
وأشهر الأقوال القول الأول والثاني أن المراد بالكوثر: النهر، أو الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه، والمؤلف هنا لا يرى أن في الأقوال عموماً وخصوصاً؛ ولذا لم يتعامل مع الأقوال بتقديم العام على الخاص، بل يرى أن حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم هو المفسِّر، ومن وجوه الترجيح عنده أن يكون حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقول النبي صلّى الله عليه وسلّم يقطع أن النهر الذي
_________
(١) التسهيل (تحقيق الخالدي) ٢/ ٥١٧.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة من حديث أنس بلفظ: «فإنه نهر وعدنيه ربي عزّ وجل عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم»، ورقم الحديث (٤٠٠).