أعطاه الله إياه يدخل في المراد بالكوثر في هذه الآية، ولو نظر المؤلف إلى تفسير الكوثر من باب العموم المخصوص؛ فإن من فسر الكوثر بالنهر فإنه يكون من باب التمثيل عنده، وليس من باب التخصيص.
والمؤلف أشار إلى العموم بقوله: «ولا شك أن الله أعطاه هذه الأشياء كلها»، وإن كان رجَّح بوجه آخر من وجوه الترجيح وهو الوجه الثاني من وجوه الترجيح «الترجيح بالسنة».
مثال آخر: في قوله: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ﴾ [الشورى: ٥] يقول ابن جزي (١): «عمومٌ يراد به الخصوص؛ لأن الملائكة إنما يستغفرون للمؤمنين من أهل الأرض، فهي كقوله: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ [غافر: ٧]»، فالمؤلف يذهب إلى أن هذه الآية خصصت الآية السابقة وهي قوله: ﴿وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ﴾، ولم يُعمل وجه الترجيح المتعلق به، وهو تقديم العام على الخاص، بل هو يرجِّح الخاص على العام بدليل الآية، فأعمل قاعدة أخرى من وجوه الترجيح وهي تفسير بعض القرآن ببعض، فإذا دل موضع من القرآن على المراد بموضع آخر حملناه عليه ورجحنا القول بذلك على غيره من الأقوال.
السبب السادس: احتمال الإطلاق أو التقييد:
ويقابله في وجوه الترجيح الوجه العاشر: «تقديم الإطلاق على التقييد إلا أن يدل دليل على التقييد».
ومن أشهر الأمثلة في ذلك قضية الرقبة في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢]، وفي آية المجادلة: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَآسَّا﴾ [المجادلة: ٣]، ففي آية المجادلة:
_________
(١) التسهيل (تحقيق الخالدي) ٢/ ٢٤٤.