﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ إطلاق، وفي آية النساء ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ تقييد، وكثير من العلماء حمل هذا المطلق على المقيد لكن نقول: إن الأصل هو الإطلاق وعدم التقييد، إلا إذا دل الدليل كما في هذا المثال، ثم إن حمل المطلق على المقيد في هذا المثال هو راجع أيضاً إلى الوجه الأول من وجوه الترجيح الذي هو تفسير بعض القرآن ببعض.
السبب السابع: احتمال الحقيقة والمجاز:
الكلام عن الحقيقة والمجاز طويل، وسيأتي شي مما تعلق به عند كلام المؤلف عنه في وجوه الترجيح.
والمراد هنا أن من أسباب الاختلاف بين المفسرين أن يحتمل الكلام حمله على الحقيقة، ويحتمل حمله على المجاز، فيذهب كل فريق إلى أحد الاحتمالين.
ومن المعلوم أن الكلام إذا دار بين الحقيقة والمجاز، فإن الأصل إعمال الحقيقة وتقديمها على المجاز.
مثاله: عند المؤلف في قوله: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾ [الفرقان: ١٢] (أي: إذا رأتهم جهنم، وهذه الرؤية تحتمل أن تكون حقيقة أو مجازاً بمعنى صارت منهم بقدر ما يُرى على البعد) فالمؤلف ذكر هذا الكلام وأنه يحتمل فيه أن يكون حقيقة وأن يكون مجازاً، ولا شكَّ أن الحقيقة أظهر.
مثال آخر: في قوله: ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾ [ق: ٣٠] قال: «الفعل مسند إلى جهنم، وقيل: إلى خزنتها من الملائكة، والأول أظهر، واختلف هل تتكلم جهنم حقيقةً أو مجازاً بلسان الحال؟ والأظهر أنه حقيقة، وذلك على الله يسير».
لو أردنا أن ننظر في المثال الأول والمثال الثاني، فالمؤلف في الأول كأنه توقف هل تحمل على الحقيقة أو على المجاز؟ وفي الثاني