وعلينا هنا أن نحرِّر مصطلح الزيادة، فنقول: كلام العلماء في الزائد في القرآن على قسمين:
الأول: دعوى زيادة الكلمة أو الحرف بحيث يتأتَّى المعنى الدقيق للجملة بدونه، وهذا وقع فيه أبو عبيدة (ت٢١٠هـ) رحمه الله تعالى في بعض أمثلة له؛ كما في قوله: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: ٣٠] يقول: «إذ» زائدة (١)، والمعنى: وقال ربك، والحقيقة أن «إذ» هنا لها معنى، والقول بزيادتها يذهب المعنى الذي فيها. والتحرير أن هذا النوع من دعوى الزيادة ليس موجوداً في كلام الله سبحانه وتعالى، فلا يمكن أن يوجد حرف أو كلمة زائدة في المعنى بحيث لو حُذفت لالتأم المعنى التئاماً تاماً، وصار كما لو جيء بها؛ أي: أن وجود الحرف أو الكلمة وحذفهما سواء في أداء المعنى.
النوع الثاني: وهو الذي يقع في كلام بعض العلماء، وهو المراد بقول كثير منهم بالزيادة في القرآن، ومرادهم وجود الزيادة من جهة المعنى الكلي دون المعنى التفصيلي، وهو الذي يطلق عليه الزيادة في الإعراب، وهذا النوع موجود في كلام العرب وموجود في كلام الله، فيقال: زائدة من جهة الإعراب أما من جهة المعنى فلها غرض. ومن أمثلة ذلك: ما ورد في قوله: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ [فاطر: ٣]، فالمُعرِبُ يقول: ﴿مِنْ﴾ زائدة إعراباً، ثم ينبه على فائدتها من جهة المعنى الثاني فيقول: «وفائدتها التأكيد».
فجملة «هل خالق غير الله» مساوية لقوله: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ في المعنى الكلي الذي تؤديه هذه وهذه، أما في المعنى التفصيلي فقولك: «هل خالق غير الله» ليست مثل ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾؛ لأن ﴿مِنْ﴾ جاءت لزيادة التأكيد.
_________
(١) مجاز القرآن ١/ ٣٦.