وقد نبه بعض العلماء المعاصرين على أن من باب الأدب مع كلام الله ألا نسمّي هذه بالزوائد، بل نسميها (صلة) يعني صلة كلام، وهي قضية لفظية ليست أكثر ولا أقل؛ لأن (صلة) أيضاً فيها شيء من المعنى الزائد، كأنها ليست أصلاً، لكن لا شك أن التعبير بغير الزيادة فيه أدب مع كلام الله سبحانه وتعالى، وهذا يشكر عليه من يعترض على مصطلح الزيادة، لكن الذي أريد أن ننتبه له أنه إذا ورد عن العلماء المتقدمين مثل هذه العبارات ومراده هذا النوع الثاني ـ فإنه لا يُثرَّب عليهم لأنه معنى صحيح، ولا يفهم من كلامهم أن مرادهم أن هذه الكلمة لو سقطت من الجملة لكانت الجملة تؤدي تمام المعنى مثل ما لو كانت موجودة، هذا لا يقول به أحد من العلماء المتقدمين، ولو قال به أحد فإنه لا شك مردود.
من الأمثلة على ذلك عند المؤلف في قوله: ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ﴾ [الأنفال: ١٢] قال: «يحتمل أيضاً أن يكون خطاباً للملائكة أو للمؤمنين، والمعنى ﴿فَوْقَ الأَعْنَاقِ﴾ أي: على الأعناق حيث المفصل بين الرأس والعنق؛ لأنه مذبحٌ، والضرب فيها يطير الرأس.
وقيل: المراد الرؤوس لأنها فوق الأعناق.
وقيل: المراد الأعناق و ﴿فَوْقَ﴾ زائدة» (١).
وهذا القول الأخير هو أضعف الأقوال؛ لأن ﴿فَوْقِ﴾ لها مدلول، فإذا أسقطنا مدلول ﴿فَوْقَ﴾ صار «فاضربوا الأعناق» مثل: ﴿فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ﴾، ولا شك أن عدم القول بالزيادة أولى من القول بالزيادة فيترجح أحد القولين الأولين ليثبت معنى الفوقية للعنق؛ إما أن يراد به الرأس، وإما فوق العنق الذي هو المقتل؛ لأنه يسقط
الرأس كله.
_________
(١) التسهيل (تحقيق الخالدي) ١/ ٣٢٣.