مثال آخر: في قوله: ﴿وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ﴾ [يوسف: ٨٠] قال: «تحتمل (ما) وجوهاً:
الأول: أن تكون زائدة.
والثاني: أن تكون مصدرية ومحلها الرفع في الابتداء تقديره: وقع من قبل تفريطكم بيوسف.
والثالث: تكون موصولة محلها الرفع أيضاً»
(١).
قال: «والأول أظهر»، وهو القول بالزيادة.
ولا يعني هذا أن المؤلف يرى أن في القرآن زائداً من جهة المعنى، بل هو زائد من جهة الإعراب فقط، أما المعنى فلا.
مثال آخر أيضاً: في قوله: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [إبراهيم: ٢١] يقول: «﴿مِنْ﴾ الأولى: للبيان، والثانية: للتبعيض، ويجوز أن يكونا للتبعيض معاً، قاله الزمخشري» ثم قال: «والأظهر أن الأولى للبيان والثانية زائدة، والمعنى: هل أنتم دافعون أو متحملون عنا شيئاً من عذاب الله» (٢). فجعل ﴿مِنْ﴾ الثانية زائدة من جهة الإعراب، لكن لا شك أنها ليست زائدة من جهة المعنى؛ لأن قوله: ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ أكدت العموم.
مثال: في قوله: ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ [الواقعة: ٧٥] قال: «لا» في هذا الموضع وأمثالها زائدة، وكأنها زيدت لتأكيد القسم أو لاستفتاح الكلام نحو: ألا. فالمؤلف جعل لها معنى، وهو التأكيد، ثم قال بعد ذلك: «وقيل: هي نافية لكلام الكفار كأنه يقول: لا صحة لما يقول الكفار، وهذا ضعيف، والأول أحسن؛ لأن زيادة «لا» كثيرة معروفة في كلام العرب» (٣).
_________
(١) التسهيل (تحقيق الخالدي) ١/ ٣٩٣.
(٢) التسهيل (تحقيق الخالدي) ١/ ٤١١.
(٣) التسهيل (تحقيق الخالدي) ٢/ ٣٣٨، ٣٣٩.


الصفحة التالية
Icon