يتحدث المؤلف عن المقصد الثاني من هذا التأليف، وهو (ذكر نكت عجيبة وفوائد غريبة)، وغالباً ما تكون في باب المُلَح أو الاستنباطات الطريفة.
ثم قال عنها: (قلما توجد في كتاب) أي: لا يوجد كتاب يحوي هذه النكت، ولا يزال الناس إلى اليوم ينشدون كتاباً يجمع هذه النكت، وهذا صعب، فهي كثيرة جداً، ولا يمكن حصرها.
ثم ذكر رحمه الله مصادره في هذه النكت والفوائد:
١ - قال: (من بنات صدري ونتائج فكري).
وهذا ما يقع له حسب اجتهاده وتدبره في الكتاب العزيز، ولا يعني هذا ألا يكون قد سُبِق إليها، لكنه حسب علمه لم يطلع عليها، وإن وقع لك وأنت تقرأ كتابه شيئاً ادَّعى افتراعه وابتداعه، ثم رأيته لأحد ممن تقدمه، فاعلم أن الأمر كما يقال: (وقع الحافر على الحافر)، فاتفق هو مع المتقدم عليه دون اطلاع سابق، وذلك كثير في كتب أهل العلم.
٢ - قال: (مما أخذته عن شيوخي بالمشافهة، فهي غير مسطرة في كتاب).
هذه الدرر التي يأخذها عن شيوخه كالتي يصل إليها بمحض اجتهاده، وقيدها عنده أنها غير مدونة في كتب أهل العلم، فهي من بنات أفكار شيوخه، لكن لا يلزم ألا يكون وصل إليها أحد قبلهم ـ كما مرَّ التنبيه على ذلك في الفقرة السابقة.
ومن باب الفائدة، فإن الطالب لو جعل له كرَّاساً يجمع فيه الفوائد واللطائف التي يسمعها من أساتذته في شتى العلوم والمعارف لحفظ من فوائد العلم شيئاً كثيراً.
ولقد كان عمِل بهذه الفكرة أحد أصحابي، ورأيت كُنَّاشةً جمع فيها فوائد ولطائف وأشعار مما كان يسمعه من الأستاذين في سني دراسته في


الصفحة التالية
Icon