قال: إن الكوثر هو نهر في الجنة، ومنهم من قال: إنه الخير، فقد وقع خلاف بين تفسير النبي صلّى الله عليه وسلّم وبين تفسير المفسر.
٥ - أن يقع اختلاف بين المتأخرين فيحمل بعضهم الآية على حديث نبوي وبعضهم يحملها على تفسير بعض الصحابة والتابعين.
ومن ذلك ما ورد في فتنة سليمان، فبعض المتأخرين قال: إن فتنة سليمان هي فيما رواه البخاري بسنده عن «عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عليهما السلام: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ ـ أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ ـ كُلُّهُنَّ يَاتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قل إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ الله. فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فُرْسَاناً أَجْمَعُونَ» (١). فحمل الآية على الحديث.
وحمل آخرون معنى الآية على الرواية الواردة عن بعض مفسِّري السلف: عن ابن عباس وغيره؛ قال: هو صخر الجنيّ تمثَّل على كرسيه جسداً (٢) ـ فحملوها على بعض الروايات الإسرائيلية كما هو مشهور.
٦ - أن يقع الاختلاف في التفسير المروي عن السلف، وهذا كثير.
ومثال ذلك: ما رواه الطبري بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس حدثه قال: «بينما أنا في الحجر جالس، أتاني رجل يسأل عن ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا﴾ فقلت له: الخيل حين تغير في سبيل الله، ثم تأوي إلى الليل، فيصنعون طعامهم، ويورون نارهم. فانفتل عني، فذهب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو تحت سقاية زمزم، فسأله عن {وَالْعَادِيَاتِ
_________
(١) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، ورقم الحديث (٢٨١٩).
(٢) تفسير الطبري، تحقيق التركي ٢٠/ ٨٨.