وفي قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ *ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ﴾ [الأنعام: ٦١، ٦٢]
قال ابن جزي: («ثم ردوا» خروج من الخطاب إلى الغيبة).
وفي قوله تعالى: ﴿طه *مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى *إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾ [طه: ١ - ٣].
قال ابن جزي: «وبدأ السورة بلفظ المتكلم في قوله: ﴿مَا أَنْزَلْنَا﴾، ثم رجع إلى الغيبة في قوله: ﴿تَنْزِيلاً مِمَنْ خَلَقَ الأَرْضَ﴾ الآية، وذلك هو الالتفات».
والالتفات بأنواعه التي ذكرها ابن جزي كثير في القرآن، وقد كُتب فيه كتب عديدة.
قوله: (الرابع: التجريد، وهو ذكر شيء بعد اندراجه في لفظ عام متقدم، والقصد بالتجريد تعظيم المجرّد ذكْرُه، أو تحقيرُه، أو رفعُ الاحتمال).
التجريد شبيه بمسألة ذكر الخاص بعد العام، وهو عبَّر عنها بهذا المصطلح، وذكر أغراضه الثلاثة التي نصَّ عليها، ومن أمثلة ذلك ما ورد في قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: ٩٨]، فجبريل وميكائيل من الملائكة، وذِكْرُهُم ـ بعد ذلك ـ من ذِكْرِ شيءٍ بعد اندراجه في لفظ عام، وهم الملائكة، ثم خصهم بالذكر لتعظيمهم.
قوله: (الخامس: الاعتراض، وهو إدراج كلامٍ بين شيئين متلازمين كالخبر والمخبر عنه، والصفة والموصوف، والمعطوف والمعطوف عليه، وإدخاله في أثناء كلام متصل، والقصد به تأكيد الكلام الذي أدرج فيه).