هذا ما يسمى الجملة المعترضة، وهو من محاسن البلاغة؛ لأن الاعتراض له مقاصد، وذكر المؤلف أحدها وهو: (والقصد به أن يكون تأكيد الكلام الذي أدرج فيه)، ومثاله قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ [الواقعة: ٧٦] فهذه الجملة فيها اعتراضان:
الأول: أن هذه الجملة معترضة بين القسم وجوابه، قال تعالى: ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ *وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ [الواقعة: ٧٥ - ٧٦].
الثاني: جملة ﴿لَوْ تَعْلَمُونَ﴾ معترضة بين الخبر والمبتدأ، فأصل الجملة «وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ عَظِيم».
وقد ذكر المؤلف أحد أغراض الجملة المعترضة، وهو تأكيد الكلام، وله أغراض أخرى تطلب في كتب البلاغة.
قوله: (السادس: التجنيس، وهو اتفاق اللفظ مع اختلاف المعنى.
ثم الاتفاق قد يكون في الحروف والصيغة، أو في الحروف خاصة، أو في أكثر الحروف لا في جميعها، أو في الخط لا في اللفظ، وهو تجنيس التصحيف).
التجنيس ويسمى عند غيره الجناس، وفائدته تحسينُ الكلامِ، وهو يدخل في علم البديع كما في قوله: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ﴾ [الروم: ٥٥] وللشاطبي (ت٧٩٠هـ) كلام شديد على باب التجنيس وكثير من علم البديع حتى إنه كان يقول: «فما يؤمننا من سؤال الله تعالى لنا يوم القيامة من أين فهمتم عني أني قصدت التجنيس الفلاني بما أنزلت من قولي: ﴿وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [الكهف: ١٠٤]، أو قولي: ﴿قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ﴾ [الشعراء: ١٦٨]؟ فإن في دعوى مثل هذا على القرآن وأنه مقصود للمتكلم به خطراً بل هو راجع إلى معنى قوله تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً