فقال النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «من حلفَ على يمينِ صبرٍ يقتطعُ بها مالَ امرئٍ مسلمٍ، وهو فاجرٌ، لقيَ الله وهو عليه غضبان».
الثاني: عن عبد الله بن أبي أوفَى (ت: ٨٨): «أنَّ رجلاً أقامَ سِلعةً في السُّوقِ، فحلفَ فيها: لقد أُعطِيَ بها ما لم يُعطَهُ، ليوقِعَ فيها رجلاً من المسلمين، فنَزَلت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بَعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً﴾ [آل عمران: ٧٧]» (١).
وهذان السَّببان لا منافاة بينهما، ويُحملُ الأمرُ على أنَّ النُّزولَ كان بالسَّببينِ جميعًا، ولفظُ الآية أعمُّ من ذلك (٢).
ومن أجل ذلك، ظهرتْ قاعدةُ: العبرة بعمومِ اللَّفظِ، لا بخصوص السَّببِ.
وهذا يعني أنَّه لا يوجدُ إشكال في تكاثُرِ النُّصوصِ في سبب النُّزولِ، واللهُ أعلمُ.
ملاحظة:
يكثرُ تعيينُ من يُرادُ بالآيةِ، دون ذكرِ لفظِ النُّزولِ، وهذا يأتي في بابِ القياسِ، وبابِ التَّمثيلِ، ومن أمثلةِ ذلكَ:
ما ورد في تفسيرِ قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمُ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ [الصف: ٥] عن أبي أمامة الباهليِّ: صُدّيِّ بن عجرن (ت: ٨٦)، قال: «هم الخوارج» (٣).
_________
(١) صحيح البخاري، مع شرحه فتح الباري، طـ: الريان (٨: ٦٠ - ٦١).
(٢) ينظر: فتح الباري، طـ: الريان (٨: ٦١).
(٣) تفسير الطبري، طـ: الحلبي (٢٨: ٨٦ - ٨٧).