تلقاهم جهنَّمُ يوم القيامة، فتلفحُهم لفحةً، فلا تترك لحمًا على عظمٍ إلاَّ وضعت على العراقيب.
قال: وأشباه هذا من الموقوفات تُعَدُّ في تفسيرِ الصَّحابةِ.
فأمَّا ما نقول في تفسير الصَّحابيِّ: مسندٌ، فإنَّما نقولُه في غيرِ هذا النَّوعِ (١)، فإنَّه كما أخبرناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّفَّار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني مالك بن أنس، عن محمد بن المنكدر، عن جابرٍ قال: كانت اليهود تقول: من أتى امرأته من دبرها في قُبُلِها، جاء الولدُ أحول، فأنزل الله عزّ وجل: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣].
قال الحاكم: هذا الحديث وأشباهه مسندةٌ عن آخرها، وليست بموقوفة، فإنَّ الصَّحابيَّ الذي شَهِدَ الوحي والتَّنْزيلَ، فأخبر عن آيةٍ من القرآنِ: إنها نزلت في كذا وكذا، فإنَّه حديثٌ مسندٌ» (٢).
أمَّا إذا وردت حكايةُ السَّببِ الصَّريحِ عن التابعينَ أو أتباعِهم، فإنه لا يخلو الحالُ من أمرين:
الأول: أن ينفردَ الواحدُ منهم بذكرِه، وفي هذه الحالِ لا يُقبلُ
_________
(١) يقصد النوع الخامس الذي ذكره قبل هذا الكلام، وهو الموقوف من الروايات. ينظر: معرفة علوم الحديث (ص: ١٩).
(٢) معرفة علوم الحديث، للحاكم (ص: ٢٠)، وقد نقلته بنصِّه لإبرازِ مذهبِه، إذ قد فَهِمَ بعض الأئمة الأعلام أنه يعد تفسير الصَّحابةِ في حكم المرفوع، وسبب ذلك اللَّبس أنه لم يفصِّل كهذا التَّفصيل في المواطن التي ذكرها في المستدرك (١: ٥٤٢)، (٢: ٢٥٨)، وممن نَسَبَ له ذلك ابنُ القيِّم، قال في كتابه التبيان في أقسام القرآن (ص: ١٤٢ - ١٤٣): «... وهذا عند طائفة من أهل الحديث في حكم المرفوع. وقال الحاكم: تفسيرُ الصحابةِ عندنا في حكم المرفوع».


الصفحة التالية
Icon