علاقةٌ بعلمِ التَّفسيرِ أو هي من علومِ القرآنِ، وهذه الكتبُ مجالٌ خصبٌ لتطبيقاتِ هذه المسائلِ العلميَّةِ (١)، بل قد تجدُ فيها إشاراتٍ إلى مسائلَ متعلِّقةٍ بعلمٍ من علومِ القرآنِ، وهي غيرُ موجودةٍ في كتبِه، ومن ذلك:
في تفسير قول الله تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: ٣٠]، قال ابن عطية (ت: ٥٤٢): «وحكى الطَّبريُّ عن عكرمةَ ومجاهد أنَّ هذه الآيةَ مكيَّةٌ (٢)... ويَحتملُ عندي قولُ عكرمةَ ومجاهدٍ: «هذه مكيَّةٌ»، أن أشارا إلى القصَّةِ لا إلى الآية» (٣).
هل تجدُ مثلَ هذا التَّحريرِ في كتبِ علومِ القرآنِ؟
لو صحَّتْ هذه الفرضيَّةُ التي ذكرَها ابن عطيَّةَ (ت: ٥٤٢)، لحلَّتْ كثيرًا مما يُشكلُ من عباراتِ السَّلفِ في علمِ المكيِّ والمدنيِّ، وبهذا التَّخريجِ لا يخالفُ قولُ مجاهد (ت: ١٠٤) وعكرمة (ت: ١٠٥) من قال إنها مدنيَّةٌ؛ لأنَّ هذا يَحكي وقتَ النُّزولِ، وهما يَحكيانِ وقتَ وقوعِ الحدثِ الذي نزلتِ الآيةُ بشأنِه، واللهُ أعلمُ.
وفي تفسير قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [الأنفال: ٧١]، قال ابن عطيَّة الأندلسيُّ
_________
(١) مثلاً، لو دُرِستْ عباراتُ السَّلفِ في نزولِ القرآنِ، وهل يلزم من قولهم: نزلت هذه الآيةُ بمكة، أو بالمدينة، أنهم لا يراعون تاريخ النُّزول؟
الذي يظهرُ أن من عبَّرَ بهذا التَّعبيرِ لا يُخالفُ اعتبارَ الزَّمانِ، وليسَ أصحابُ هذا التَّعبيرِ أصحابَ قولٍ آخر في المكي والمدني، تأمَّلْ هذا، وتحقَّق منه في تطبيقاتِ المكي والمدني عند السلفِ، فقد يظهر لك هذا.
(٢) ينظر: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٣: ٥٠٢).
(٣) تفسير ابن عطية، طـ: قطر (٦: ٢٧٢).


الصفحة التالية
Icon